بسم الله الرحمن الرحيم
شبهة بعثية حول تحرير الوسيلة
قال السيد الامام الخميني (قدس سره) في تحرير الوسيلة ، الجزء 2 ص241 : (مسألة 12 - لا يجوز وطء الزوجة قبل إكمال تسع سنين ، دواما كان النكاح أو منقطعا ، وأما سائر الاستمتاعات كاللمس بشهوة والضم والتفخيذ فلا بأس بها حتى في الرضيعة ، ولو وطأها قبل التسع ولم يفضها لم يترتب عليه شئ غير الاثم على الاقوى).
وهذه هي الفتوى التي يشنع بها خصوم الشيعة على الشيعة وعلى احد أهم مراجعهم في العصر الحديث أي السيد الامام
الخميني (قدس سره) ، وقد ابتدأت السلطة البعثية العفلقية في العراق في بداية الثمانينيات التشهير بهذه الفتوى وتشويهها عبر وسائل اعلامها المقبور.
وكلام السيد الامام الخميني (قدس سره) في الفتوى واضح وهو انه قد حرم وطء الزوجة قبل بلوغها التسع سنوات ، واما سائر الاستمتاعات فمباح قبل التسع سنوات ولا باس به حتى في الرضيعة. فالامر مباح لمن لديه الدافع لذلك ، أي لديه الدافع للاستمتاع بالرضيعة وهي زوجته على أية حال.

والفقهاء سنة وشيعة يذكرون فتاوى افتراضية إذا صح التعبير ، اي يفترضون وقوع حالة ثم يبينون حكمها ، غير ان الذين يشوهون صورة الشيعة وأحد كبار مراجعهم يغضون النظر عن كون المسالة فقهية ، وأن السيد الامام يذكر في رسالته الفقهية ما يحتاجه الناس ، وان فقهاء السنة قد ذكروا أحكاماً مماثلة لما ذكره السيد الامام بل وأشد مما ذكر ، وسوف نلقي نظرة خاطفة على اهم ما ذكره فقهاء اهل السنة فيما يخص وطيء الصغيرة والرضيعة :
· قال الشافعي في كتابه (الأم) ج5 ص35 : (وإذا أرضعت أجنبية امرأته الصغيرة لم يفسد نكاح امرأته وحرمت الاجنبية عليه أبدا لانها من أمهات نسائه وحرم عليه أن يجمع بين أحد من بناتها بنسب أو رضاع وبين امرأته التى أرضعت) ، فالشافعي يتحدث عن رجل متزوج من رضيعة ! لأن الرضاع لا يكون الا قبل بلوغ الرضيعة عمر السنتين ، اما بعد السنتين فلا يسمى رضاع ولا ياخذ احكام الرضاع ، كما هو معروف بين فقهاء المسلمين. فالشافعي يقول بان الطفلة الرضيعة المتزوجة من رجل إذا ارضعتها امراة تحرم تلك المراة على زوج الرضيعة لأنها أصبحت أم زوجته من الرضاع. إذن الشافعي يتحدث عن زواج الرضيعة وليس مجرد مفاخذتها.
· وفي كتاب الأم للشافعي المتوفى سنة 204هـ ، ج7 ص163 : (وزوج غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته صغيرة). فزواج الصغيرة أمر شائع ومعروف في المجتمعات الانسانية وفي عصر النبوة ايضاً.
· وفي مختصر المزني لاسماعيل المزني المتوفى سنة 264هـ ، وهو يشرح فقه الشافعي ، ص 164 : (( قال الشافعي ) والنساء محرمات الفروج فلا يحللن إلا بما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم فبين " وليا وشهودا وإقرار المنكوحة الثيب وصمت البكر ( قال ) والشهود على العدل حتى يعلم الجرح يوم وقع النكاح ( قال ) ولو كانت صغيرة ثيب أصيبت بنكاح أو غيره فلا تزوج إلا بإذنها ولا يزوج البكر بغير إذنها ولا يزوج الصغيرة إلا أبوها أو جدها بعد موت أبيها). فالمزني يتحدث صراحة عن صغيرة اصبحت ثيباً بسبب وطئها ، بينما السيد الامام الخميني (قدس سره) قد حرم وطيء الصغيرة قبل بلوغها التسع سنوات.

· وفي فتح العزيز لعبد الكريم الرافعي ج2 ص116 : (موضع الختان قبل المرأة وكما يجب الغسل بالايلاج فيه يجب الغسل بالايلاج في غيره كالاتيان في غير المأتي وهو الدبر يجب الغسل به على الفاعل والمفعول وكذا فرج البهيمة خلافا لابي حنيفة لنا انه جماع في الفرج فاشبه فرج الادمى بل ايجاب الغسل ههنا أولى لانه أحق بالتغليظ ولا فرق بين اليلاج في فرج الميت والايلاج في فرج الحي وخالف أبو حنيفة في فرج الميت وكذا قال في الصغيرة التى لا تشتهي). فأبو حنيفة يقول ان وطيء فرج الميت لا يوجب الغسل ! ووطيء فرج الصغيرة التي لا تشتهي لا يوجب الغسل أيضاً ! فلو تحدث السيد الامام الخميني (قدس سره) بمثل هذا الكلام فماذا كانوا سيقولون له ويشنعون عليه ؟!

· وأيضاً في فتح العزيز لعبد الكريم الرافعي ج2 ص128 : (ولو اغتسلت المرأة من الجماع ثم خرج منها المنى لزمها الغسل بشرطين : أحدهما ان تكون ذات شهوة دون الصغيرة التى لا شهوة لها : والثاني أن تقضى شهوتها بذلك الجماع لا كالنائمة والمكرهة وانما وجب الغسل عند اجتماع هذين الشرطين لانه حينئذ يغلب على الظن اختلاط منيها بمنيه فإذا خرج منها ذلك المختلط فقد خرج منها منيها : أما في الصغيرة والمكرهة والنائمة إذا خرج المني بعد الغسل لم يلزم اعادة الغسل لان الخارج منى الرجل وخروج منى الغير من الانسان لا يقتضى جنابته) ، فهو هنا يتحدث عن مني يخرج من الصغيرة بسبب وطئها ، ولم يتوجه احد باللوم إليه بسبب كلامه هذا واعتبروا الموضوع فقهي ، ولم يشنع احد عليه بسبب ذلك ، فلماذا يشنعون على السيد الامام الخميني (قدس سره) لأقل مما ذكره ؟!
· والنووي ايضاً سار على نفس هذا النهج فنجده يقول في كتابه المجموع ، ج2 ص151 : (قال المتولي كان القاضى حسين يقول مراد الاصحاب إذا كانت الموطوءة صغيرة لا تنزل أو كبيرة لكن أنزل الزوج عقيب الايلاج بحيث لم تنزل هي في العادة فأما إذا امتد الزمان قبل انزاله فالغالب أنها تنزل ويختلط المنيان فعليها الغسل ثانيا : وذكر الروياني عن الاصحاب انه لا غسل عليها) ، إذن فالصغيرة التي لا تنزل ليس عليها الغسل بعد الايلاج بها ؟! فما الفرق بين الايلاج في الصغيرة التي لا تشتهي ـ بحسب تعبير الفقهاء ـ أي وطئها وبين مفاخذة الرضيعة ! بالتأكيد فإن وطيء الصغيرة أشد من مفاخذة الرضيعة !

· وأيضاً قال النووي في المجموع ، ج61 ص168 : (قوله تعالى ( واللائى يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر ، واللائى لم يحضن ) وتقديره وكذلك عدة اللائى لم يحضن ، وإنما يجب على الزوجة الاعداد من الطلاق بعد الوطئ فدل على أن الصغيرة التى لم تحض يصح نكاحها ، ولا جهة يصح نكاحها معها إلا أن يزوجها أبوها) ، فالنووي شرَّع نكاح الصغيرة بدون تحديد عمر معين ، بينما السيد الامام الخميني (قدس سره) ذكر انه لا يجوز وطء الزوجة قبل إكمالها التسع سنين ، وهو الامر الآكثر انصافاً وقبولاً.

وقد اشتهر عن الشافعية قولهم بجواز زواج الرجل من ابنته من الزنى ، وهو امر مستفيض نقله عنهم وموجود بكثرة في كتبهم ، ففي مغني المحتاج لمحمد بن الشربيني ج3 ص175 : (كانت المخلوقة من ماء الزنا قد يتوهم أنها بنت الزاني فتحرم عليه دفع هذا التوهم بقوله : ( قلت : والمخلوقة من ) ماء ( زناه ) سواء أكانت المزني بها مطاوعة أم لا ، سواء تحقق أنها من مائه أم لا ، ( تحل له ) لانها أجنبية عنه ، إذ لا حرمة لماء الزنا بدليل انتفاء سائر أحكام النسب من إرث وغيره عنها). فأيهما من يستحق التشنيع من يتزوج ابنته من الزنى ام من يفاخذ زوجته الرضيعة !

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لوازم الغلو في التفسير بالرأي لقوله تعالى: ((فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ))