مقام الدعاء المستجاب عند أهل البيت (عليهم السلام) ونفي تفويض المعجزات للمعصومين (عليهم السلام)

 

بسم الله الرحمن الرحيم


 نبيل الكرخي


المقدمــــة

قال تعالى في سورة الرعد: ((قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الوَاحِدُ القَهَّارُ))... صَدَقَ اللَّهُ العَلِيُّ العَظِيمُ.

اَلْقَوْلُ مِنِّي فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ قَوْلُ آلِ مُحَمَّدٍ فِيمَا أَسَرُّوا وَمَا أَعْلَنُوا، وَفِيمَا بَلَغَنِي عَنْهُمْ، وَفِيمَا لَمْ يَبْلُغْنِي[1].

كل شيء خلقه الله عزَّ وجلَّ، كل الكائنات في عالم الطبيعة وفي عالم ما وراء الطبيعة. والمعجزات هي شيءٌ مما خلقه الله سبحانه. اما الانسان فمهما ترقى في مراتب الكمال فلن يتمكن من أن يصل الى مرتبة كن فيكون. ولذلك فان المعجزات لا يمكن الاتيان بها من قبل الانسان سواء كان ذلك الانسان معصوماً (الانبياء والاوصياء عليهم السلام) أو غيرهم. نعم أقصى ما يمكن للانسان ان يأتي به هو الخوارق والشعوذات التي تستند الى رياضات نفسانية غنوصية تكون مقدمة لتمكين الانسان من احداث بعض الخوارق والتغييرات[2]. فما يميّز المعجزة عن شعوذات اصحاب الرياضات كالسحرة وتسخير الجان هو أنَّ الشعوذات والخوارق يمكن لكل من يمارس تلك الرياضات النفسانية ان يأتي بمثلها بخلاف المعجزات التي لا يمكن الاتيان بها لكل البشر.

نعم يمكن للمعصوم (عليه السلام) أي النبي أو الوصي ان يدعو الله سبحانه فيتحقق دعاؤه فوراً لأن دعاؤه مستجاب، ولان المعصوم (عليه السلام) لا يشاء الا ما يشاء الله، وكما في بعض الروايات أنَّهم (عليهم السلام) أوعية لمشيئة الله سبحانه وتعالى، فعن إمامنا الحجة بن الحسن (عجّل الله فرجه الشريف) انه قال: (وجئت تسأله عن مقالة المفوضة كذبوا بل قلوبنا أوعية لمشية الله فإذا شاء شئنا والله يقول وما يشاؤن الا ان يشاء الله)[3].

فالمسلمون جميعاً يعلمون أنَّ لآل البيت الأطهار(عليهم السلام) مقامات تفردوا بها عن دون المسلمين، وإنْ اختلفت المذاهب الفكرية عند المسلمين في تحديد مقاماتهم، ونسب لهم بعض المتأثرين بالصوفية مقامات منيثقة من فكرهم الصوفي كمقام اطلقوا عليه أسم (مقام الإنسان الكامل) وبلا شك أنَّ آل البيت الأطهار (عليهم السلام) كاملين في صفاتهم البشرية والمعنوية والأخلاقية، ولكن هذا المقام الذي يطلقه الصوفيون يريدون منه إشراكهم مع غيرهم لأن المتصوفة يرون أنَّ أي إنسان يمكنه بلوغ هذا المقام من غير المعصومين (عليهم السلام)!! ولذلك لا ينبغي ان ننخدع بالبعض الذين يبتدعون أسماء لمقامات لآل البيت الأطهار (صلوات الله عليهم) نابعة من فكرهم الصوفي أو المغالي. وضمن نفس الإطار هناك من اطلق في القرن الأخير فكرة أن لأهل البيت الأطهار (عليهم السلام) مقام الولاية التكوينية، بمعنى أنَّ لهم القدرو على التصرف بقواهم الخاصة في الكائنات إيجاداً ورزقاً وغيرها من التصرفات التي هي في اصلها من الشؤون الإلهية، غير أنَّ هؤلاء اشتبهوا بأنَّ تسخير الله سبحانه لكائنات لتكون في طاعة أهل البيت الأطهار (صلوات الله عليهم) ولكون آل البيت المعصومين الأطهار (عليهم السلام) لديهم مقام الدعاء المستجاب، بلا خلاف بين الشيعة الإمامية عليه، فظن هؤلاء أن ما يجري من معجزات من خلال آل البيت الأطهار (عليهم السلام) أو من خلال التوسل بهم هو لكونهم يمتلكون الولاية التكوينية من خلال "قوى خاصة يمتلكونها نفسية أو غيرها"، وهذا مجانب للصواب، لأنهم لديهم مقام الدعاء المستجاب ويمتلكون أسرار الأسم الأعظم، ويسخر الله لهم ما يشاء من الكائنات، كما سخر كائنات لأنبياء من قبلهم كداود وسليمان (عليهما السلام). وينبغي التأكيد على انَّ عقيدة الشيعة الإمامية في القرون الهجرية العشرة الأولى قبل تغلغل الفكر الصوفي في بعض التيارات الشيعية، كان أن معجزات الأنبياء والأئمة الأطهار (عليهم السلام) أمّا أنَّها تجري بأمر الله تبارك وتعالى إبتداءً أو من خلال دعاء المعصوم (عليه السلام) لكونه في مقام استجابة الدعاء.

اما ان يُقال ان هناك "قوى إعجازية" عند المعصومين (نفسية او غيرها) تمكِّن المعصوم (عليه السلام) من الاتيان بالمعجزات فهذه دعوى مخالفة لقديم مذهب الشيعة الامامية ولا يصح عليها دليل. ولذلك فانه لا تفويض من قبل الله تبارك وتعالى في المعجزات الى المعصومين (عليهم السلام) وحيث انه لا تفويض فلا ولاية تكوينية بالمعنى الصوفي لهم بمعنى أنَّه لا وجود لـ "قوى إعجازية" عندهم. نعم يمكن ان يقال ان للمعصوم (عليه السلام) ولاية تكوينية من حيث أنَّه تبارك وتعالى أمر كائنات بطاعة المعصومين (عليهم السلام) وسخرّها لهم (صلوات الله عليهم) إنْ دلّ دليل صحيح على هذا التسخير.

وما سنتناوله في بحثنا هذا هو التأكيد على الجانب العقائدي القائل بأن المعجزة هي من فعل الله سبحانه وحده لا شريك له، ولا يملك نبي أو وصي أي تفويض في إحداث المعجزة ولا ولاية تكوينية صوفية بمعنى صدور فعل الاعجاز عن قوى نفسية عند المعصوم (عليه السلام)، بل هي ولاية على الكائنات من خلال الدعاء أو التسخير، وهناك روايات تفيد بأن جميع الكائنات هي في طاعة النبي (صلى الله عليه وآله) وأئمة آل البيت الاطهار (عليهم السلام). وهذا يعني ان المعصوم (عليه السلام) ليس عنده قوة اعجازية يتفرد بها عن بقية البشر بل هي المشيئة الالهية باستجابة دعاء المعصوم (عليه السلام) وان تكون الكائنات في طاعته – اذا ثبت صحة تلك الروايات - وشتان بين ان يسخِّر الله تبارك وتعالى الكائنات لتكون في طاعة المعصوم (عليه السلام)، وبين أن تكون هناك قوة اعجازية في نفس المعصوم (عليه السلام) تمكنه من تحقيق المعجزات!

وينبغي التنويه انَّ الطبعة الأولى لهذا الكتاب قد صدرت بعنوان (نفي تفويض المعجزات للأنبياء والأوصياء صلوات الله عليهم أجمعين)، وقد ارتأينا إدخال المزيد من الفقرات والتوضيحات وإعادة ترتيب الفقرات وتغيير العنوان ليكون معبراً بصورة ادق عن المطلوب من إيصال العقيدة الصحيحة التي استلمناها عبر الأجيال وعبر العلماء الصالحين الأبرار من أئمة آل البيت المعصومين الأطهار (صلوات الله عليهم).

أنواع المعجزات

ولا يخفى انه في العقيدة الاسلامية تكون المعجزة التي يأتي بها نبي على نوعين:

1.  معجزة ترافق بعثة النبوة والرسالة لإلقاء الحجة على الناس بدون ان يكون هناك تحدي من قبل الكفار او المشركين، ومنها معجزة القرآن الكريم في بداية نزوله، ومعجزة تكلم عيسى (عليه السلام) في المهد.

2.  معجزة يأتي بها نبي على سبيل التحدي الذي يطلبه الكفار او المشركون، كمعجزة ناقة صالح، ومعجزة شق القمر.

وكلا الحالين لا تكون المعجزة الا من طريقين، هما:

1.        ان تجري المعجزة بأمر الله سبحانه حالاً ويكون دور النبي احد امرين:

أ‌-       ظهورها على يديه، كما في قوله تعالى: ((وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ))[4] الآيات. وكما في معجزة القرآن الكريم الذي كلام الله تبارك وتعالى الى البشرية من خلال انزاله على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلم يكن للنبي (صلى الله عليه وآله) أي دور في انتاج القرآن او إحداثه وانما دوره الوحيد هو في تبليغه للعالمين كما اُنزِلَ، بالاضافة الى شرح مضامينه.

ب‌-     أن يكون النبي محلاً للمعجزة كما في تكلم عيسى (عليه السلام) في المهد واعلانه نبوته.

2.     ان تجري المعجزة بدعاء النبي لله سبحانه، ودعاء الانبياء مستجاب ولا سيما وان عندهم الاسم الاعظم الذي قد يستخدم في الدعاء وربما قد يستخدم في التصرف بالكائنات.

وأمّا القول بالتفويض بمعنى انَ المعصوم – النبي أو الوصي - (عليه السلام) هو الذي بأتي بالمعجزة بقدرته وقوته! فمن لوازمه أنَّ المعجزة تكون على جميع الخلق الا المعصوم (عليه السلام) الذي جاء بها فهو لا يثبت عليه اعجاز لانه مصدر الاعجاز!! وبذلك يسقط التحدي القرآني قول الله سبحانه في سورة الاسراء: ((قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا القُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً))[5]، فالنبي (صلى الله عليه وآله) هو من الانس ووفق منطق التفويض يكون هو الذي يأتي بمعجزة القرآن أو يمكنه ان يأتي بها بتفويض الله سبحانه له ذلك، فيسقط التحدي القرآني عن الاعتبار لخرقه من قبل النبي (صلى الله عليه وآله) وهذا غير وارد وغير ممكن في عقيدتنا. وقد يُعتَرض على ما ذهبنا اليه من أنَّ المعجزة تظهر على يد النبي (صلى الله عليه وآله) بتمكين الله سبحانه فيثبت له بذلك ما يثبت لغيره! بمعنى ان الله سبحانه يعطي النبي قوة خارقة لقوانين الطبيعة فيفعل النبي (صلى الله عليه وآله) المعجزة وفي نفس الوقت تثبت المعجزة عليه لأنه يعلم انها بفضل القوة الممنوحة له من الله سبحانه! ولكن هناك آيات قرآنية كالتي ذكرناها آنفاً تنفي امكانية ان ياتي الانس (والنبي منهم) بمثل معجزة القرآن بغض النظر عن أنَّ مَنْ يأتي بالمعجزة يقر أنَّها من عند الله ام لا!

 

الآيات القرآنية الكريمة ومصدر المعجزات

ومن جهة اخرى هناك آيات قرآنية اخرى تبين ان النبي (صلى الله عليه وآله) لا يمتلك قوى اضافية غير الموجودة فيه بحسب طبيعته الانسانية، منها قوله تعالى: ((وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا القُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً، وَقَالُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعاً، أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً، أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً، أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَّسُولاً))[6].

وحينما نتتبع آيات القرآن الكريم نجد انها تنص صراحة على انه ليس للنبي (صلى الله عليه وآله) القدرة على الاتيان بالمعجزة بل هي جميعها بيد الله عزَّ وجلَّ. منها قوله تعالى:

§        ((وَقَالُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ))[7].

وهذه الآية الكريمة تفيد أمور:

منها: إنَّ الآية الكريمة تبيّن أن الرسول (صلى الله عليه وآله) كان يقول للمشركين أنه بشر وليس لديه فدرات أخرى غير بشرية، وانَّ اللآيات من عند الله تبارك وتعالى، ولكون الآيات منه سبحانه وتنزل تأييداً للنبي (صلى الله عليه وآله) فهذا تأييد وتصديق لصحة نبوته. ولذلك كانت الثقافة الاسلامية الموجهة للمشركين هي هكذا. ولذلك قال المشركون – كما ذكرت الآية الكريمة – ((لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ)) فالعقيدة الاسلامية آنذاك التي كانت تخاطب المشركين تبيّن أنَّ الآيات والمعجزات هي من عند الله عزَّ وجلَّ. وما الرسول (صلى الله عليه وآله) الا بشر يؤدي وظيفته كنذير مبين.

ومنها: بيَّنت الآيات الكريمة  أنَّ المعجزات هي عند الله تبارك وتعالى، وتنزل من عنده بصورة حصرية، وحده لا شريك له.

وضمن نفس السياق نقرأ قوله تعالى: ((وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ))[8]، والتي تنص صراحة على ان الآيات هي عند الله سبحانه مؤيدة ما جاء في الآية السابقة على لسان المشركين. فلو لم تكن المعجزات تنزل من عند الله سبحانه لما اقرّهم الله عزَّ وجلَّ على صحة طلبهم وان لم يلبّه لهم.

ومنها: أنَّ دور النبي (صلى الله عليه وآله) انما هو نذير مبين وليس الاتيان بالمعجزة فهي عند الله سبحانه إنْ شاء انزلها وإنْ شاء منعها.

 

§        ((قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُم بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ))[9].

ففي هذه الآية المباركة يبين الرسل (عليهم السلام) انهم بشر كسائر الناس ليس لديهم قوى اضافية او خارقة تميزهم عن سائر البشر. وفي نفس السياق نقرأ قوله تعالى: ((قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً))[10].

((قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ))[11].

((قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُم بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ))[12].

فمن هذه الايات البيّنات يتضح ان رُسُل الله تبارك وتعالى كانوا يقدمون أنفسهم الى قومهم المشركين بأنهم بشر مثلهم ليس لديهم أي قوى إضافية أو صفات غير بشرية، مع ما يظهرونه لهم من معجزات واضحات يبينون لهم صراحة أنَّها من عند الله عزَّ وجلَّ وأنَّ الأمر كله بيد الله سبحانه وتعالى.

 

§        ((فَقَالَ المَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَنزَلَ مَلائِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ (*) إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (*) قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ))[13].

((فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ (*) وَقَالَ المَلأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (*) وَلَئِنْ أَطَعْتُم بَشَراً مِّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ (*) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظَاماً أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ (*) هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (*) إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (*) إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (*) قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ[14]))[15].

 

§         ((وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الجَاهِلِينَ))[16].

فهذه الآية الكريمة تبين بوضوح انه ليس للنبي (صلى الله عليه وآله) مقدرة على الاتيان بآية والا لفعل. فالامر كله بيد الله سبحانه.

ومن هذا القبيل قوله تعالى: ((فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ))[17].

وقال تعالى: ((فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ (*) وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الخَاسِرِينَ))[18].

 

الأنبيــاء (عليهم السلام) ومقام الدعاء المستجاب في القرآن

الايات القرآنية الكريمة تبين انَّ الانبياء لم يكونوا يملكون سوى الدعاء لإحداث المعجزات الالهية، فدعائهم مستجاب بلا شك في ذلك.

فكان دعاء النبي نوح (عليه السلام): ((وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً * إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً))[19].

ومن دعاء النبي لوط (عليه السلام): ((قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ))[20]، و((رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ))[21].

ومن دعاء النبي ايوب (عليه السلام): ((وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ))، و((وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ))[22].

ومن دعاء النبي سليمان (عليه السلام): ((قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ))[23]. فكان من استجابة دعائه ما ذكره الله سبحانه وتعالى من تسخيره الريح بأمره كما في سورة الانبياء (عليهم السلام): ((وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأَرْضِ الَتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ))[24].

ومن دعاء النبي زكريا (عليه السلام): ((قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً))[25].

ومن دعاء المسيح عيسى بن مريم (عليهما السلام): ((قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ))[26].

 

المعجزات والاسم الاعظم

علم الكتاب والاسم الاعظم، لدى الانبياء وأوصيائهم (عليهم السلام) بعضاً منه، ولدى نبينا (صلى الله عليه وآله) واوصيائه (عليهم السلام) غالبيته.

ففي رواية في بحار الانوار للشيخ محمد باقر المجلسي (رض)، قال: (أقول: ذكر والدي رحمه الله أنه رأى في كتاب عتيق جمعه بعض محدثي أصحابنا في فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) هذا الخبر، ووجدته أيضاً في كتاب عتيق مشتمل على أخبار كثيرة. قال: روي عن محمد بن صدقة أنه قال: سأل ابو ذر الغفاري سلمان الفارسي رضي الله عنهما با ابا عبد الله ما معرفة الامام امير المؤمنين (عليه السلام) بالنورانية؟ قال: يا جندب فامض بنا حتى نسأله عن ذلك) ثم يذكر تمام الحديث بطوله الى أن يرد فيه عن امير المؤمنين (عليه السلام): (ويطيعنا كل شيء حتى السموات والارض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب والبحار والجنة والنار. اعطانا الله ذلك كله بالاسم الاعظم الذي علمنا وخصنا به)[27]. الحديث ضعيف لمجهولية سنده ومصدره.

وعن الإمام الرضا (عليه السلام)، قال عن آية ((بسم الله الرحمن الرحيم)): (وهي أقرب إلى اسم الله الأعظم من سواد العين إلى بياضها)[28].

وفي الاصول من الكافي، باب (ما أعطى الائمة عليهم السلام من اسم الله الاعظم):

[1- محمد بن يحيى وغيره، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن محمد بن الفضيل قال: أخبرني شريس الوابشي، عن جابر، عن ابي جعفر عليه السلام قال: إن اسم الله الاعظم على ثلاثة وسبعين حرفا وإنما كان عند آصف منها حرف واحد فتكلم به فخسف بالارض ما بينه وبين سرير بلقيس حتى تناول السرير بيده ثم عادت الارض كما كانت أسرع من طرفة عين ونحن عندنا من الاسم الاعظم اثنان وسبعون حرفا، وحرف واحد عند الله تعالى استأثر به في علم الغيب عنده، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

2 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد ومحمد بن خالد، عن زكريا بن عمران القمي، عن هارون بن الجهم، عن رجل من أصحاب أبي عبدالله عليه السلام لم أحفظ اسمه قال سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: إن عيسى ابن مريم عليه السلام اعطي حرفين كان يعمل بهما واعطي موسى أربعة أحرف، واعطي إبراهيم ثمانية أحرف، واعطي نوح خمسة عشر حرفا، واعطي آدم خمسه وعشرين حرفا، وإن الله تعالى جمع ذلك كله لمحمد صلى الله عليه وآله وإن اسم الله الاعظم ثلاثة وسبعون حرفا، أعطى محمدا صلى الله عليه وآله اثنين وسبعين حرفا وحجب عنه حرف واحد.

3 - الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبدالله، عن علي بن محمد النوفلي، عن أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام قال: سمعته يقول: اسم الله الاعظم ثلاثة وسبعون حرفا، كان عند آصف حرف فتكلم به فانخرقت له الارض فيما بينه وبين سبأ فتناول عرش بلقيس حتى صيره إلى سليمان، ثم انبسطت الارض في أقل من طرفه عين، وعندنا منه اثنان وسبعون حرفا، وحرف عند الله مستأثر به في علم الغيب].

ويظهر من الروايات الشريفة أن من يدعو بالأسم الاعظم يمكن أن يأتي بالمعجزات، ولذلك فهو من مختصات الانبياء والاوصياء (عليهم السلام). ويمكن أن يكون الدعاء بالأسم الأعظم مقارناً لتسخير الله سبحانه كائنات بطاعة المعصوم (عليه السلام).

وفيما يلي بعض الروايات الاخرى التي نرى من المناسب ذكرها:

في معاني الاخبار للشيخ الصدوق باب (معنى الحروف المقطعة في اوايل السور من القرآن): عن الامام الصادق (عليه السلام): ((الم) حرف من حروف اسم الله الأعظم، المقطع في القرآن، الذي يؤلفه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والامام فاذا دعا به أجيب)[29]. وفي رواية اخرى في باب (متشابهات القرآن وتفسير المقطعات) جاء فيها: (أو الامام فاذا دعا به اجيب)[30].

وروى الشيخ الصدوق في (فضائل الاشهر الثلاثة) في باب حديث ام داود وعملها، قول الامام الصادق (عليه السلام): (فإنه دعاء شريف وفيه اسم الله الاعظم الذي إذا دعى به أجاب واعطى) الحديث[31].

وفي بحار الانوار قال: (صفوة الصفوة: نقلاً من كتاب الدستور عن علي عليه السلام قال: اذا أردت أن تدعو الله تعالى باسمه الأعظم فيستجاب لك فاقرأ من أول سورة الحديد الى قوله وهو عليم بذات الصدور، وآخر الحشر من قوله لو انزلنا هذا القرآن، ثم إرفع يديك وقل: يا من هو هكذا أسئلك بحق هذه الأسماء أن تصلي على محمد وآل محمد واسأل حاجتك.

ومنه: نقلا من كتاب الفوائد الجلية أنه في هذا الدعاء وهو: اللهم أنت الله لا إله إلا أنت يا ذا المعارج والقوى أسئلك ببسم الله الرحمن الرحيم، وبما أنزلته في ليلة القدر أن تجعل لي من أمري فرجا ومخرجا وأسئلك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تغفر لي خطيئتي وتقبل توبتي يا أرحم الراحمين.

ومنه: نقلا من كتاب فضل الدعاء عن الصادق عليه السلام قال: اقرأ الحمد والتوحيد وآية الكرسي والقدر، ثم استقبل القبلة، وادع بما أحببت فإنه الاسم الأعظم.

ومنه: نقلا من كتاب التبصرة أنه في الفاتحة وأنها لو قرئت على ميت سبعين مرة ثم ردت فيه الروح ما كان ذلك عجبا.

ومنه: نقلا من كتاب البهي أنه في هذا الدعاء وهو: اللهم إني أسئلك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت يا منان يا بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والاكرام، ومنه: نقلا من كتاب التحصيل أنه في هذا الدعاء وهو: اللهم إني أسئلك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد.

ومنه: نقلا من كتاب إغاثة الداعي أنه في هذا الدعاء وهو: يا الله يا الله يا الله وحدك وحدك لا شريك لك أنت المنان بديع السماوات والأرض ذو الجلال والاكرام وذو الأسماء العظام وذو العز الذي لا يرام وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمان الرحيم وصلى الله على محمد وآله أجمعين.

ومنه: نقلا من كتاب التهجد أنه في هذا الدعاء تقول ثلاثا: يا نور يا قدوس وثلاثا يا حي يا قيوم، وثلاثا يا حيا لا يموت، وثلاثا يا حيا حين لا حي، وثلاثا يا حي لا إله إلا أنت، وثلاث أسئلك باسمك باسم الله الرحمان الرحيم العزيز المبين)[32]. وروايات أخرى في نفس الباب.

ولذلك فان ما يمتلكه الانبياء والاوصياء (عليهم السلام) هو الاسم الاعظم (على اختلاف في عدد حروفه بحسب النبي أو الوصي)، وان كل ما يمتلكه الانبياء والاوصياء (عليهم السلام) هو إمّا الدعاء بالاسم الاعظم أو قرائته – كما في رواية التبصرة الآنفة الذكر – وإمّا بالتسخير. وأما تحقيق المعجزة فهو من قبل الله سبحانه وتعالى، فلا تفويض لهم في إحداث المعجزة.

 

القرآن يبين مصدر المعجزات

وفيما يلي نذكر بعض الايات القرآنية الكريمة التي تبين ان المعجزات هي من فعل الله سبحانه وتعالى:

    قال تعالى في سورة الاسراء: ((سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ(1))).

فمعجزة الاسراء هي من فعل الله سبحانه كما هي سائر المعجزات.

    قال تعالى في سورة الاسراء: ((وَقَالُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعاً (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَّسُولاً (93) وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الهُدَى إِلاَّ أَن قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَّسُولاً (94) قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ مَلَكاً رَّسُولاً)).

وهي صريحة في أنَّ الانبياء والرسل (عليهم الصلاة والسلام) ليست لديهم قوة خارقة تمكنهم من الاتيان بالمعجزات وإنْ كانوا غير مستقلين عنه تعالى، فكل شيء هو بيد الله سبحانه.

وقد يقول قائل ان من قال بامكان صدور المعجزة عن المعصوم فإنها دون الاستقلال عنه لرفع توهم التفويض! ويرد على ذلك بأن احداً من المسلمين لم يقل بأن المعجزات يمكن ان تصدر عن المعصوم بالاستقلال عنه تعالى! بل هناك من قال انها تصدر من خلال "قوى اعجازية" عند المعصوم بإذن الله تعالى وهي الدعوى التي نناقشها ونبين عدم صحتها وهالتي نفت الآية حدوثها بقوله تعالى على لسان رسوله: ((قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَّسُولاً)).

قال تعالى في سورة ابراهيم (عليه السلام): ((قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُم بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ(11))).

  قال تعالى في سورة الاسراء: ((وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُوراً(101) قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاءِ إِلاَّ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً (102))).

وهي تدل على ان الايات والمعجزات مصدرها الله سبحانه.

  وقال تعالى في سورة آل عمران (عليهم السلام): ((وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأبْرَصَ وَأُحْيِي المَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (49))).

وهي تدل على ان المعجزات هي من الله عزَّ وجلَّ كما في قوله تعالى: ((بآية من ربكم)).

  وقال تعالى في سورة الانبياء (عليهم السلام): ((قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ (70))).

وهي صريحة في ان مصدر المعجزة هو الله سبحانه وتعالى وليس ابراهيم الخليل (عليه السلام).

  وفي سورة الانبياء (عليهم السلام): ((وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79))).

الله سبحانه هو الذي سخّر مع النبي داود (عليه السلام) الجبال والطير.

  قصة النبي موسى (عليه السلام)، حينما خاطبه الله سبحانه وتعالى في الوادي المقدس وامره بإلقاء العصى فتحولت الى افعى واخرج يده فكانت بيضاء، كل هذا حدث ولم يكن النبي موسى (عليه السلام) في تلك اللحظات يعلم ان هذه المعجزتين ستجري، فمن الواضح ان الله سبحانه هو الذي قام بهما، وهو تعالى الذي يقوم بالمعجزات التي تجري على ايدي الانبياء (عليهم السلام).

قال تعالى في سورة طه: ((فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ المُقَدَّسِ طُوًى (12) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي (14) إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لاَّ يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16) وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى (18) قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى (19) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20) قَالَ خُذْهَا وَلاَ تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأُولَى (21) وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى (22) لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الكُبْرَى (23))).

  تكلم النبي عيسى (عليه السلام) في المهد يوضح بلا ريب ان المعجزة التي حصلت هي من قبل الله سبحانه، والا كيف تكون لرضيع مثل هذه القدرة الاعجازية؟! فمن الواضح ان هذه المعجزة صدرت عن المسيح (عليه السلام) ظاهراً وصدرت عن الله سبحانه واقعاً، كما في قوله تعالى: ((وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى))[33]. فهي لم تصدر عن "قوى اعجازية" يدعيها البعض للمسيح (عليه السلام) كما يدّعونها لسائر المعصومين (عليهم السلام).

قال تعالى في سورة مريم (عليها السلام): ((فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي المَهْدِ صَبِياًّ (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِياًّ (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَياًّ (31) وَبَراًّ بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِياًّ (32))).

  القرار الإلهي بإنزال العقوبة على قوم النبي لوط (عليه السلام) ولم يكن النبي ابراهيم الخليل (عليه السلام) وهو الامام الحجة في ذلك الزمان يعلم به الا بعد اخبار الضيفين له كما ورد ذلك في القرآن الكريم.

قال تعالى في سورة هود (عليه السلام): ((فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ البُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ (74) إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ (75) يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (76))).

  وبيّن أنَّ الإحياء والإماتة وحركة الافلاك بيد الله سبحانه، فقال تعالى: ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ المُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ المَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ المَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ)). وقال تعالى: ((الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء سبحانه وتعالى عما يشركون)).

فجميع معجزات الانبياء المذكورة في القرآن الكريم هي منسوبة الى الله جلَّ وعلا وصادرة عنه سبحانه، وبعضها ينص القرآن المجيد على صدورها الواقعي من الله عزَّ وجلَّ والظاهري من النبي.

 

 

روايات مبيّنة لمقام الدعاء المستجاب للمعصوم (عليه السلام)

الروايات التالية نذكرها لتأييد ما استدلينا عليه من خلال آيات القرآن الكريم.

·        في الأمالي للشيخ الصدوق: (حدثنا محمد بن القاسم الاسترآبادي، قال: حدثنا جعفر بن أحمد، قال: حدثنا أبو يحيى محمد بن عبد الله بن يزيد المقري، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، قال كنت عند علي بن الحسين (عليه السلام) فجاءه رجل من أصحابه، فقال له علي بن الحسين (عليه السلام): ما خبرك، أيها الرجل؟ فقال الرجل: خبري - يا بن رسول الله - أني أصبحت وعلي أربعمائة دينار دين لا قضاء عندي لها، ولي عيال ثقال ليس لي ما أعود عليهم به. قال: فبكى علي بن الحسين (عليهما السلام) بكاء شديدا، فقلت له: ما يبكيك، يا بن رسول الله؟ فقال: وهل يعد البكاء إلا للمصائب والمحن الكبار. قالوا: كذلك، يا بن رسول الله. قال: فأية محنة ومصيبة أعظم على حرمة  مؤمن من أن يرى بأخيه المؤمن خلة فلا يمكنه سدها، ويشاهده على فاقة فلا يطيق رفعها! قال: فتفرقوا عن مجلسهم ذلك. فقال بعضهم المخالفين - [في نسخة: المنافقين] - وهو يطعن على علي بن الحسين (عليهما السلام): عجبا لهؤلاء يدعون مرة أن السماء والأرض وكل شئ يطيعهم، وأن الله لا يردهم عن شئ من طلباتهم، ثم يعترفون أخرى بالعجز عن إصلاح حال خواص إخوانهم. فاتصل ذلك بالرجل صاحب القصة فجاء إلى علي بن الحسين (عليهما السلام) فقال له: يا بن رسول الله، بلغني عن فلان كذا وكذا، وكان ذلك أغلظ علي من محنتي. فقال علي بن الحسين (عليهما السلام): فقد أذن الله في فرجك، يا فلانة احملي سحوري وفطوري) الى ان تقول الرواية: (ثم قال علي بن الحسين (عليهما السلام): جهلوا والله أمر الله وأمر أوليائه معه، إن المراتب الرفيعة لا تنال إلا بالتسليم لله جل ثناؤه، وترك الاقتراح عليه، والرضا بما يدبرهم به، إن أولياء الله صبروا على المحن والمكاره صبرا لما يساوهم فيه غيرهم، فجازاهم الله عز وجل عن ذلك بأن أوجب لهم نجح جميع طلباتهم، لكنهم مع ذلك لا يريدون منه إلا ما يريده لهم)[34].

 

·     في اثبات الهداة: (حدثنا محمد بن علي بن ماجيلويه قال: حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم عن ابيه عن ياسر الخادم قال: قلت للرضا (عليه السلام): ما تقول في التفويض؟ فقال: إن الله تبارك وتعالى فوّض إلى نبيه (صلى الله عليه وآله) امر دينه فقال: (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) فأما الخلق والرزق فلا، ثم قال (عليه السلام): إن الله عز وجل يقول: (الله خالق كل شيء) ويقول: (الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء سبحانه وتعالى عما يشركون)[35]. فالرزق والاحياء والاماتة هي بيد الله سبحانه. ولذلك فان إحياء المسيح (عليه السلام) للموتى لا يخرج عن نطاق أنَّه بأمر الله سبحانه ومشيئته. اي كما أنَّ ملك الموت يقبض الارواح بإذن الله فكذلك المسيح يحيي الموتى بإذن الله تعالى - مع انه قياس مع الفارق - فلا خصوصية يمتلكها المسيح من قبيل وجود "قوى اعجازية" فيه.

 

·     روى الكليني (رضوان الله عليه) في الكافي بسنده عن ابان بن تغلب وغيره عن الامام الصادق (عليه السلام) انه سُئِلَ هل كان عيسى بن مريم أحيا أحداً بعد موته حتى كان له رزق ومدة وولد؟ فقال (عليه السلام): (نعم إنه كان له صديق مواخ له في الله تعالى وكان عيسى عليه السلام يمر به وينزل عليه وإن عيسى غاب عنه حيناً ثم مر به ليسلم عليه فخرجت إليه أمه فسألها عنه فقال له: مات يا رسول الله، فقال: اتحبين ان تراه، قالت: نعم، فقال لها: فإذا كان غداً أتيتك حتى احييه لك بإذن الله تعالى، فلما كان من الغد اتاها فقال لها: انطلقي معي إلى قبره فانطلقا حتى أتيا قبره فوقف عليه عيسى عليه السلام ثم دعا الله تعالى فانفرج القبر وخرج ابنها حياً فلما رأته امه ورآها بكيا فرحمهما عيسى عليه السلام فقال له عيسى: أتحب أن تبقى مع امك في الدنيا، فقال: يا نبي الله بأكل ورزق ومدة أم بغير أكل ولا رزق ولا مدة، فقال له عيسى عليه السلام: بأكل ورزق ومدة وتعمر عشرين سنة وتزوج ويولد لك، قال: نعم، فدفعه عيسى عليه السلام إلى امه فعاش عشرين سنة وتزوج وولد له)[36].

 

·     في رواية البحار للشيخ محمد باقر المجلسي ان الامام علي بن ابي طالب (عليهما السلام) قال: (ويحك لو أشاء أن آتي معاوية إلى ها هنا على سريره لدعوت الله حتى فعل ولكنا لله خُزّان لا على ذهب ولا على فضة ولا إنكاراً بل على أسرار تدبير الله، أما تقرأ ((بل عباد مكرمون، لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون)))[37]. وهذه الرواية صريحة في ان الامام عليه السلام يدعو الله سبحانه لإحداث المعجزة.

 

·     روى محمد الفتال النيسابوري في مؤنس الحزين بالاسناد، عن عيسى بن الحسن عن الصادق (عليه السلام): قال بعضهم للحسن بن علي (عليهما السلام) في احتماله الشدائد عن معاوية فقال (عليه السلام) كلاما معناه: لو دعوت الله تعالى لجعل العراق شاما والشام عراقا وجعل المرأة رجلا والرجل امرأة، فقال الشامي: ومن يقدر على ذلك؟ فقال (عليه السلام): انهضي ألا تستحين أن تقعدي بين الرجال، فوجد الرجل نفسه امرأة ثم قال: وصارت عيالك رجلا وتقاربك وتحمل عنها وتلد ولدا خنثى فكان كما قال (عليه السلام). ثم إنهما تابا وجاءا إليه فدعا الله تعالى فعادا إلى الحالة الأولى[38].

 

·     في عيون اخبار الرضا (عليه السلام) بسنده عن الامام أبي محمد العسكري (عليه السلام)، عن آبائه، عن الرضا (عليه السلام) في حديث طويل أن المطر احتبس، (فقال له المأمون: لو دعوت الله عز وجل، فقال له الرضا (عليه السلام): نعم، فقال: ومتى تفعل ذلك؟ وكان يوم الجمعة، فقال: يوم الاثنين فان رسول الله صلى الله عليه وآله أتاني البارحة في منامي ومعه أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا بني انظر يوم الاثنين وابرز إلى الصحراء واستسق، فان الله عز وجل يسقيهم إلى أن قال: فلما كان يوم الاثنين خرج إلى الصحراء ومعه الخلائق) الخبر[39].

 

·     روى الشيخ القطب الراوندي (رض) في الخرائج ان في وقعة تبوك أصاب الناس عطش (فقالوا يا رسول الله لو دعوت الله لسقانا، فقال صلى الله عليه وآله لو دعوت الله لسقيت، قالوا يا رسول الله ادع لنا ليسقينا فدعا فسالت الأودية فإذا قوم على شفير الوادي يقولون مطرنا بنوء الذراع وبنوء كذا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ألا ترون فقال خالد ألا اضرب أعناقهم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يقولون هكذا وهم يعلمون ان الله أنزله)[40].

وهذه الرواية والتي سبقتها توضحان مقام الدعاء المستجاب للمعصوم (عليه السلام)، وأنَّ رسول الله سبحانه وتعالى كان يستسقي لنزول المطر فيدعو الله تبارك وتعالى. فأين القائلين بالولاية التكوينية الصوفية من هذه الروايات!! لماذا لم يكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ينزل المطر بحسب ولايته التي يفترضونها بدلاً من الدعاء والاستسقاء!!

 

·     في كتاب الغيبة للشيخ الطوسي (رضوان الله عليه) بسنده: (اختلف جماعة من الشيعة في أن الله عز وجل فوض إلى الأئمة صلوات الله عليهم أن يخلقوا أو يرزقوا؟ فقال قوم هذا محال لا يجوز على الله تعالى، لان الأجسام لا يقدر على خلقها غير الله عز وجل وقال آخرون بل الله تعالى أقدر الأئمة على ذلك وفوضه إليهم فخلقوا ورزقوا وتنازعوا في ذلك تنازعا شديدا. فقال قائل: ما بالكم لا ترجعون إلى أبي جعفر محمد بن عثمان العمري فتسألونه عن ذلك فيوضح لكم الحق فيه، فإنه الطريق إلى صاحب الامر عجل الله فرجه، فرضيت الجماعة بأبي جعفر وسلمت وأجابت إلى قوله، فكتبوا المسألة وأنفذوها إليه، فخرج إليهم من جهته توقيع نسخته: "إن الله تعالى هو الذي خلق الأجسام وقسم الأرزاق، لأنه ليس بجسم ولا حال في جسم، ليس كمثله شئ وهو السميع العليم، وأما الأئمة عليهم السلام فإنهم يسألون الله تعالى فيخلق ويسألونه فيرزق، إيجابا لمسألتهم وإعظاما لحقهم")[41].

 

·        وفي عيون أخبار الرضا (عليه السلام) قال (صلوات الله عليه): (الغلاة كفّار، والمفوّضة مشركون، من جالسهم، أو واكلهم، أو شاربهم، أو واصلهم، أو زوّجهم، أو تزوّج منهم، أو أمنهم، أو ائتمنهم على شيء، أو صدّق حديثهم، أو أعانهم بشطر كلمة، خرج من ولاية اللّه عزّ وجل وولاية الرسول، وولايتنا أهل البيت)[42].

 

·        وفي العيون أيضاً: عن ياسر الخادم قال: قلت للرضا عليه السلام ما تقول في التفويض؟ فقال: إن الله تبارك وتعالى فوض إلى نبيه (ص) أمر دينه فقال: ((مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا)) فاما الخلق والرزق فلا، ثم قال عليه السلام: إن الله عز وجل يقول: ((اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ)) وهو يقول: ((اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ۖ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَٰلِكُم مِّن شَيْءٍ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ))[43].

 

·        وذكر الشيخ الصدوق: (وكان الرضا (علي بن موسى) (عليه السَّلام) يقول في دعائه : « اللهم إنّي أبرأ إليك من الحول والقوّة، فلا حول ولا قوّة إلاّ بك. اللّهم إنّي أبرأ إليك من الذين ادّعوا لنا ما ليس لنا بحق. اللّهمّ إنّي أبرأ إليك من الذين قالوا فينا ما لم نقله في أنفسنا. اللّهم لك الخلق ومنك الأمر وإيّاك نعبد وإياك نستعين اللّهمّ أنت خالقنا وخالق آبائنا الأوّلين وآبائنا الآخرين اللّهم لا تليق الربوبية إلاّ بك، ولا تصلح الإلهية إلاّ لك، فالعن النصارى الذين صغّروا عظمتك، والعن المضاهئين لقولهم من بريتك، اللّهمّ انّا عبيدك وأبناء عبيدك لا نملك لأنفسنا نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً، اللّهم من زعم أنّا أرباب فنحن منه براء، ومن زعم أنَّ إلينا الخلق وعلينا [أو إلينا ] الرزق فنحن براء منه كبراءة عيسى بن مريم (عليه السَّلام) من النصارى، اللّهم انّا لم ندعهم إلى ما يزعمون فلا تؤاخذنا بما يقولون، واغفر لنا ما يدّعون ولا تدع منهم على الأرض دياراً، إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّواْ عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوٓاْ إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا»[44].

 

النبي والفعل الظاهري

إنَّ بعض المعجزات قد بيَّن الله سبحانه بكل وضوح ان النبي (صلى الله عليه وآله) ليس هو مصدر الفعل الحقيقي بل الله عزَ وجل وإنما النبي (صلى الله عليه وآله) هو مصدر الفعل الظاهري، قال تعالى: ((وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى))[45]. فالنبي هو مصدر الفعل الظاهري بينما الله سبحانه هو الفاعل الحقيقي للمعجزة، ونجد هذا ايضاً في قصة النبي موسى (عليه السلام)، قال تعالى: ((فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ البَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ العَظِيمِ))[46]. وقال تعالى: ((وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ))[47].

ومثلها معجزات النبي سليمان (عليه السلام) وحقيقتها أنَّها مسخّرة من قبل الله تبارك وتعالى، كما في قوله تعالى في سورة الانبياء (عليهم السلام): ((وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأَرْضِ الَتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ (81) وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ (82))).

وفي سورة النمل: ((وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الجِنِّ وَالإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17))). فجاءت ((وَحُشِرَ)) بصيغة المبني للمجهول أي أنَّ سليمان ليس هو الذي حشر جنوده بقواه الذاتية أو النفسية بل هم مسخَّرون له من قبل الله تبارك وتعالى.

وفي سورة ص نقرأ قوله تعالى: ((وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداًّ ثُمَّ أَنَابَ (34) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لاَّ يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ (35) فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ (38) هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (39))).

وأيضاً فيما يخص النبي داود (عليه السلام) نقرأ قوله تعالى في سورة الأنبياء (عليهم السلام): ((فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79))).

وقوله تعالى في سورة سبأ: ((وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْـرَ وَأَلَنَّا لَهُ الحَدِيدَ (10))).

وفي سورة ص نقرأ قوله تعالى: ((اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (17) إِنَّا سَخَّرْنَا الجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ (18) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ (19) وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الحِكْمَةَ وَفَصْلَ الخِطَابِ (20))).

حيث تبيّن الآيات الكريمة تسخير الله سبحانه وتعالى للجبال والطير والحديد له (عليه السلام).

ولا يخفى ان ابرز المعجزات المتعلقة برسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) والمذكورة في القرآن الكريم هي معجزة القرآن الكريم نفسه ومعجزة الاسراء ومعجزة انشقاق القمر ومعجزة رمي الحصى، وهناك معجزات اخرى وردت في الروايات الشريفة ابرزها معجزة رد الشمس ومعجزة تحريك الشجرة وهما معجزتان وردتا في روايات اهل السنة والشيعة جميعاً.

 

معنى الخلق والإذن في القرآن الكريم

من المهم دراسة معنى (الخلق) في القرآن الكريم لما لها من علاقة ببحثنا هذا من حيث دراسة معجزة المسيح (عليه السلام) المذكورة في القرآن الكريم وهل أنَّها جرت من قبل المسيح (عليه السلام) بقواه الذاتية بحسب مفهوم القائلين بالولاية التكوينية، أم أنَّها جرت بدعاء المسيح (عليه السلام) لكونه مستجاب الدعاء ولإثبات حقانية رسالته الى بني إسرائيل، وأنَّ الخلق هو بيد الله وحده لا شريك له، كما ذهب الى ذلك أساطين علماء الشيعة في القرون السابقة، قبل تغلغل الفكر الصوفي في التشيّع!. واما بعض رجال الدين القائلين بالولاية التكوينية فيفسرون الآيات القرآنية التي ورد فيها تعبير الخلق لبعض المخلوقين كالمسيح (عليه السلام) او قوله تعالى ((فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)) أنَّ هناك من البشر من يخلق فعلاً بصورة كاملة لمعنى الخلق سوى انّه بإذن الله تبارك وتعالى وكأنما يفهمون معنى (الأذن) الوارد في الآية الكريمة بمعنى سماح الإله أو قبوله فقط دون تدخل منه او دون أمر منه لتحقيق الخلق!!

وسوف نستعرض الآن كلام وتفسير القائلين من علماء الشيعة الأبرار بأنَّ الخلق كله بيد الله تبارك وتعالى وأنَّ للأنبياء والأئمة الأطهار (عليهم السلام) مقام الدعاء المستجاب. فيما يخص الآيتين الكريمتين اللتين ورد فيهن كلمة (الخلق) وهما:

·        قوله تعالى في الآية (49) من سورة آل عمران (عليهم السلام): ((وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأبْرَصَ وَأُحْيِي المَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)).

·        وقوله تعالى في الاية (14) من سورة المؤمنون: ((ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا العَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا العِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ)).

فنحن أمام ثلاثة أسألة:

1)    هل المعصوم (عليه السلام) لديه القدرة على الخلق؟

2)    وما معنى ان يكون الله تبارك وتعالى احسن الخالقين؟

3)    ما معنى ان يكون الخلق (بإذن الله) هذا التعبير الوارد في الآية الكريمة؟

ولاجابة هذه الاسألة سوف نستعرض عدد من الروايات ونصوص علماء الشيعة الأبرار وادلتهم:

روى الشيخ الكليني (رضوان الله عليه) في الكافي بسنده عن ابان بن تغلب وغيره عن الامام الصادق (عليه السلام) انه سُئِلَ هل كان عيسى بن مريم أحيا أحداً بعد موته حتى كان له رزق ومدة وولد؟ فقال (عليه السلام): (نعم إنه كان له صديق مواخ له في الله تعالى وكان عيسى عليه السلام يمر به وينزل عليه وإن عيسى غاب عنه حيناً ثم مر به ليسلم عليه فخرجت إليه أمه فسألها عنه فقال له: مات يا رسول الله، فقال: اتحبين ان تراه، قالت: نعم، فقال لها: فإذا كان غداً أتيتك حتى احييه لك بإذن الله تعالى، فلما كان من الغد اتاها فقال لها: انطلقي معي إلى قبره فانطلقا حتى أتيا قبره فوقف عليه عيسى عليه السلام ثم دعا الله تعالى فانفرج القبر وخرج ابنها حياً فلما رأته امه ورآها بكيا فرحمهما عيسى عليه السلام فقال له عيسى: أتحب أن تبقى مع امك في الدنيا، فقال: يا نبي الله بأكل ورزق ومدة أم بغير أكل ولا رزق ولا مدة، فقال له عيسى عليه السلام: بأكل ورزق ومدة وتعمر عشرين سنة وتزوج ويولد لك، قال: نعم، فدفعه عيسى عليه السلام إلى امه فعاش عشرين سنة وتزوج وولد له)[48].

والرواية واضحة في ان المسيح (عليه السلام) كان يدعو الله سبحانه فيخلق، ففعل الخلق هو بأمر الله ومشيئته لا يملك المسيح (عليه السلام) منه شيئاً سوى مقام الدعاء المستجاب.

روى الشيخ الصدوق في كتابه (التوحيد) بسنده، عن الإمام ابي الحسن الرضا (صلوات الله عليه) حديثاً طويلاً مفيداً ننصح بمراجعته لما فيه من فوائد جمّة، مما جاء فيه: (إن الله تبارك وتعالى يقول : (تبارك الله أحسن الخالقين) فقد أخبر أن في عباده خالقين منهم عيسى ابن مريم، خلق من الطين كهيئة الطير بإذن الله فنفخ فيه فصار طائرا بإذن الله، والسامري خلق لهم عجلا جسدا له خوار)[49].

قال الشيخ المفيد في اوائل المقالات ((ولا أتجاوز مواضعه من القرآن) يعني ذكر كلمة خالق على العباد فيما ذكر الله وهي عدة موارد في القرآن 1 - قوله (تعالى) حكاية عن عيسى (ع) إني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طير بإذن الله 49 آل عمران وقوله (تعالى) مخاطبا لعيسى (ع) و إذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني؟ 11 المائدة وقوله (تعالى) فتبارك الله أحسن الخالقين - 14 المؤمنون - وقوله أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين - 125 الصافات - وهذه مواضع إطلاق لفظ خالق على غير الله (تعالى) لعناية خاصة اقتضت هذا المجاز)[50].

قال الشيخ الطوسي في التبيان: (الخلق في حقيقة اللغة هو التقدير والاتقان في الصنعة وفعل الشئ لا على وجه السهو والمجازفة بدلالة قوله "وتخلقون إفكا" وقوله "وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير" وقوله "أحسن الخالقين" كما لا يجوز أنه أعظم الآلهة لما لم يستحق الآلهية غيره، وقال زهير :

ولانت تفري ما خلقت وبعض * القوم يخلق ثم لا يفري

وقال الججاج : لا أعد إلا وفيت ولا أخلق إلا فريت

وقال الشاعر :

ولا يئط بأيدي الخالقين ولا * أيدي الخوالق الاجبد الادم

فعلمنا بذلك جواز تسمية غيره بأنه خالق إلا انا لا نطلق هذه الصفة إلا لله تعالى، لان ذلك توهم)[51].

وقال في موضع آخر: (وقوله " أحسن الخالقين " فيه دلالة على أن الانسان قد يخلق على الحقيقة، لأنه لو لم يوصف بخالق إلا الله، لما كان لقوله " أحسن الخالقين " معنى. وأصل الخلق التقدير، كما قال الشاعر : ولانت تفري ما خلقت وبعض * القوم يخلق ثم لا يفري)[52].

قال الشيخ الطبرسي في مجمع البيان: ((وأحيي الموتى بإذن الله) إنما أضاف الإحياء إلى نفسه، على وجه المجاز والتوسع، ولأن الله تعالى كان يحيي الموتى عند دعائه)[53].

وقال الشيخ الطبرسي في تفسيره: ((أحسن الخالقين) لأنه لا تفاوت في خلقه. وأصل الخلق التقدير، يقال : خلقت الأديم : إذا قسته لتقطع منه شيئا. وقال حذيفة في هذه الآية : (تصنعون ويصنع الله وهو خير الصانعين). وفي هذا دليل على أن اسم الخلق قد يطلق على فعل غير الله تعالى، إلا أن الحقيقة في الخلق لله سبحانه فقط. فإن المراد من الخلق إيجاد الشئ مقدرا تقديرا، لا تفاوت فيه. وهذا إنما يكون من الله سبحانه وتعالى، ودليله قوله (ألا له الخلق والأمر))[54].

وقال الشيخ الحويزي (متوفى 1112هـ) في تفسيره (نور الثقلين) حول قوله تعالى: ((أحسن الخالقين)): (و زعموا ان هيهنا خالقين غير الله عز وجل، ومعنى الخلق هيهنا التقدير مثل ذلك قول الله عز وجل لعيسى عليه السلام)[55]. يشير إلى قوله تعالى في الآية (110) من سورة المائدة: ((وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فننفخ فيها فتكون طيرا بإذني))).

وقال في تفسير الميزان: (ووصفه تعالى بأحسن الخالقين يدل على عدم اختصاص الخلق به وهو كذلك لما تقدم أن معناه التقدير وقياس الشئ من الشئ لا يختص به تعالى، وفي كلامه تعالى من الخلق المنسوب إلى غيره قوله : " وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير " المائدة : 110 وقوله : " وتخلقون إفكا " العنكبوت : 17)[56].

وقال شبّر في تفسيره: ((فتبارك الله أحسن الخالقين) المقدرين)[57].

وقال الشيخ ناصر مكارم الشيرزي في تفسيره (الأمثل): (وجدير بالذكر أن كلمة "الخالق" مشتقة من " الخلق " وتعني بالأصل التقدير، حيث تطلق هذه الكلمة عندما يراد تقطيع قطعة من الجلد فينبغي على الشخص أن يقيس أبعاد القطعة المطلوبة ثم يقطعها، فيستخدم لفظ "الخلق" بمعنى التقدير، لأهمية تقدير أبعاد الشئ، قبل قطعه. أما عبارة أحسن الخالقين فتثير هذا التساؤل : هل يوجد خالق غير الله؟! وضع بعض المفسرين تبريرات لهذه الآية في وقت لا حاجة فيه لهذه التبريرات، لأن كلمة "الخلق" بمعنى التقدير والصنع، ويصح ذلك بالنسبة لغير الله، إلا أن هناك اختلافا جوهريا بين الخلقين... يخلق الله المواد وصورها، بينما يصنع الإنسان أشياءه مما خلق الله، فهو يغير صورها. كمن يبني دارا حيث يستخدم موادا أولية كالجص والآجر، أو يصنع من الحديد سيارة أو ماكنة. ومن جهة أخرى لا حدود لخلق الله الله خالق كل شئ - سورة الرعد الآية (16) - في وقت نجد ما صنعه الإنسان محدودا جدا، وفي كثير من الأحيان يجد الإنسان فيما خلقه هو نقصا يجب سده فيما بعد، إلا أن الله يبدع الخلق دون أي نقص أو عيب. ثم إن قدرة الإنسان على صنع الأشياء جاءت بإذن من الله، حيث كل شئ في العالم يتحرك بإذن الله، حتى الورق على الشجر، كما نقرأ في سورة المائدة الآية (110) عن المسيح (عليه السلام) وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني)[58].

وقال في موضع آخر: (وعبارة أحسن الخالقين رغم أنها تشير إلى أن الله سبحانه وتعالى خالق هذا الكون ولا يوجد خالق سواه، فهي تشير أيضا حسب الظاهر إلى الأشياء المصنوعة، أي التي يصنعها الإنسان بعد أن يغير شكل المواد الطبيعية، ومن هنا سمي بالخالق، رغم أنه تعبير مجازي)[59].

 

أمّا بخصوص جواب السؤال الثالث، معنى عبارة (بإذن الله) الواردة في القرآن الكريم:

قال الشيخ الطوسي في تفسيره التبيان: (والاذن في اللغة على ثلاثة اقسام: احداها: بمعنى العلم وذكرنا شاهده [قال في نص سابق: قوله: ((فاذنوا بحرب من الله)) معناه اعلموا، بلا خلاف]. والثاني: الاباحة والاطلاق كقوله ((فانكحوهن بإذن اهلهن))، وقوله: ((يا ايها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت ايمانكم)). والثالث: بمعنى الامر، كقوله: ((أنزله على قلبك بإذن الله)))[60].

وقال الشيخ الطوسي: (وقوله: ((وأحيي الموتى بإذن الله)) على وجه المجاز إضافة الى نفسه وحقيقته ادعوا الله بإحياء الموتى فيحييهم الله فيحيون بإذنه)[61].

وقال الشيخ الطوسي عن قوله تعالى: ((وما ارسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله)) قال: (والاذن على وجوه: يكون بمعنى اللطف، كقوله: ((وما كان لنفس ان تؤمن إلا بإذن الله)). ومنها: الامر، مثل هذه الاية[62]. ومنها التخلية نحو ((وما هم بضارين به من احد إلا بإذن الله)))[63].

وعن قوله تعالى ((وما كان لنا أن ناتيكم بسلطان الا بإذن الله)) قال الشيخ الطوسي ان فيهما قولان (الثاني: ان ما اتيناكم به بإذن الله، لأنه مما لا يقدر عليه البشر، ونحن بشر)[64].

ومن الروايات التي ورد فيها كلمة (الاذن) نختار التالي:

في كتاب التوحيد للشيخ الصدوق في باب (باب العرش وصفاته) عن الامام الصادق (عليه السلام) انه قال: (فأرسل محمداً صلى الله عليه وآله وسلم فكان الدليل على الله بإذن الله عز وجل حتى مضى دليلاً هادياً فقام من بعده وصيه عليه السلام دليلاً هادياً على ما كان هو دل عليه من أمر ربه من ظاهر علمه، ثم الائمة الراشدون عليهم السلام)[65].

وفي (باب المشيئة والارادة) روى الشيخ الصدوق عن امير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: (ان اهل الارض لا يستطيعون لي شيئاً إلا بإذن الله عز وجل).[66]

وفي نفس الباب روى الشيخ الصدوق في معنى قوله تعالى ((وما كان لنفس ان تؤمن إلا بإذن الله)) ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (فليس ذلك على سبيل تحريم الايمان عليها ولكن على معنى أنها ما كانت لتؤمن إلا بإذن الله، وإذنه أمره لها بالايمان ما كانت مكلفة متعبدة، وإلجاؤه إياها الى الايمان عند زوال التكليف والتعبد عنها)[67].

وفي (باب الاستطاعة) روى الشيخ الصدوق في توحيده: عن الامام الصادق (عليه السلام) انه قال: (إن الله عز وجل خلق الخلق فعلم ما هو صائرون إليه، وامرهم ونهاهم، فما أمرهم به من شيء فقد جعل لهم السبيل الى الاخذ به، وما نهاهم عنه فقد جعل لهم السبيل الى تركه، ولا يكونوا آخذين ولا تاركين إلا بإذن الله عزَّ وجل، يعني بعلمه[68])[69].

وروى الكليني في الكافي بسنده عن الامام الصادق (عليه السلام) ان امير المؤمنين (عليه السلام) قال: (كلوا ما يسقط من الخوان فإنه شفاء من كل داء بإذن الله تعالى لمن أراد أن يستشفي به)[70].

وفي الكافي بسنده عن ابان بن تغلب وغيره عن الامام الصادق (عليه السلام) انه سُئِلَ هل كان عيسى بن مريم أحيا أحداً بعد موته حتى كان له رزق ومدة وولد؟ فقال (عليه السلام): (نعم إنه كان له صديق مواخ له في الله تعالى وكان عيسى عليه السلام يمر به وينزل عليه وإن عيسى غاب عنه حيناً ثم مر به ليسلم عليه فخرجت إليه أمه فسألها عنه فقال له: مات يا رسول الله، فقال: اتحبين ان تراه، قالت: نعم، فقال لها: فإذا كان غداً أتيتك حتى احييه لك بإذن الله تعالى، فلما كان من الغد اتاها فقال لها: انطلقي معي إلى قبره فانطلقا حتى أتيا قبره فوقف عليه عيسى عليه السلام ثم دعا الله تعالى فانفرج القبر وخرج ابنها حياً فلما رأته امه ورآها بكيا فرحمهما عيسى عليه السلام فقال له عيسى: أتحب أن تبقى مع امك في الدنيا، فقال: يا نبي الله بأكل ورزق ومدة أم بغير أكل ولا رزق ولا مدة ن فقال له عيسى عليه السلام: بأكل ورزق ومدة وتعمر عشرين سنة وتزوج ويولد لك، قال: نعم، فدفعه عيسى عليه السلام إلى امه فعاش عشرين سنة وتزوج وولد له)[71].

وفي العيون بسنده عن الامام الرضا (عليه السلام) في رواية جاء فيها: (فقال عز وجل: ((وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله)) أي ما المتعلمون بذلك بضارين أحد إلا بإذن الله يعنى بتخلية الله وعلمه فإنه لو شاء لمنعهم بالجبر والقهر)[72].

وهكذا تجد انَّ كلمة (الأذن) وردت في الأيات الكريمة والروايات الشريفة بمعاني متعددة، وليست بمعنى واحد. والمعنى الذي ورد في قوله تعالى: ((أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ)) يكون معناها: بأمر الله. أي أنَّ الله تبارك وتعالى هو الذي يخلق وهو الذي يحيي الموتى وما للأنبياء (عليهم السلام) سوى مقام الدعاء المستجاب. ولا ننسى ان للمعصوم (عليه السلام) أيضاً مقام تسخير الكائنات له، فيمكن أنَّ الله سبحانه وتعالى سخّر كل طين مصنوع من قبل المسيح (عليه السلام) بهيئة طير أن تركبه الروح ويصبح طيراً بحول الله وقوته. أما أن يقال انَّ للمعصوم قوة نفسية أو قوة ذاتية على الأتيان بالمعجزات فهذا أمر بعيد عن العقيدة السليمة.

 

معجزة الاسراء

قال تعالى في سورة الاسراء: ((سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ))[73].

فلا جدال في ان معجزة الاسراء هي من فعل الله سبحانه وليس للنبي (صلى الله عليه وآله) دور في إحداثِها. والآية الكريمة تنص صراحة على ان فعل الاسراء هو من فعل الله تبارك وتعالى.

معجزة انشقاق القمر

من المعجزات المهمة المذكورة في القرآن الكريم هي معجزة انشقاق القمر ولأهميتها فقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، قال تعالى: ((اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ القَمَرُ، وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرّ))[74]. فالآية الكريمة لم تذكر مَنْ الذي شق القمر وواضح استغنائها عن ذكر ذلك لأن الله سبحانه هو خالق كل شيء، وشقّ القمر هو شيء من الاشياء، كما أنَّ الآيات الإعجازية هي من الله عزَّ وجلَّ، ونصّت على ذلك عدة آيات كريمة، ننتخب منها:

قوله تعالى في سورة البقرة: ((قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (118)))... ((كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219))) ... ((كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (266))) ...

وفي سورة آل عمران (عليهم السلام): ((قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ (118))) ...

وفي سورة المائدة: ((انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75))) ...

وفي سورة الإنعام: ((انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ (46))) ... ((وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ المُجْرِمِينَ (55))) ... ((انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65))) ... ((قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (97))) ... ((قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (98))) ... ((وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (105))) ... ((قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ (109))) ...

وفي سورة الحج: ((وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يُرِيدُ (16))).

وفي سورة النور: ((وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18))) ... ((وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ (34))) ... ((لَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (46))) ...

وفي سورة العنكبوت: ((وَقَالُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ (50))) ...

وفي سورة الدخان: ((وَآتَيْنَاهُم مِّنَ الآيَاتِ مَا فِيهِ بَلاءٌ مُّبِينٌ (33))) ...

وفي سورة المجادلة: ((وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ (5))).

فمعجزة شق القمر، وهي ىية من آيات الله تبارك وتعالى، هي من فعل الله سبحانه وتعالى بلا ريب.

وفيما يلي بعض الروايات تبيّن عدم وجود "قوة اعجازية" عند المعصوم وانما المعجزة تحدث بالدعاء، ومضمونها موافق لآيات الكتاب العزيز.

ـ قال أبو جعفر (محمد بن سليمان): (حدثنا أحمد بن عبدان البرذعي  قال: حدثنا سهل بن شقير قال: حدثنا موسى بن عبد ربه  قال: (قال): علي (عليه السلام): أول من آمن برسول الله صلى الله عليه وآله أنا ثم زيد بن حارثة ثم أبو بكر ثم سعد بن أبي وقاص، كنا نعبد الله في شعاب مكة ب‍ "أجياد" وكان البيت في أيدي المشركين فأجمع أبو جهل بن هشام وأبو سفيان بن حرب وفراعنة قريش على رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا: يا محمد الست تدعي أنك نبي الله وأنك رسول الله وأن كل ما سألت الله من شئ فعل لك! فقال النبي صلى وآله وسلم: ليس بالادعاء أقول بل الحقيقة أقول: أنا رسول الله رب العالمين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين إلى جنات النعيم. فقال أبو جهل: لا نحتاج أن يكون بيننا قيل ولا قال ولكن إذا استدار القمر فصار مستديرا فأمر القمر فينشق نصفين فيصير نصفه على سطح مكة ونصفه على جبل أبي قبيس وتدعو شجرة أم غيلان من الجبل فيأتيك نصفها ويبقي نصفها فإذا فعلت ذلك آمنا بك من غير أن يكون بينك وبيننا سيف ولا قتال. فقال لهم النبي صلى الله عليه وآله: نعم - وأنسئ أن يقول "إن شاء الله" - فانتظر جبريل عليه السلام عشرة أيام ثم عشرين يوما ثم ثلاثين يوما لم يأته فقال مشركوا قريش: إن الذي كان يأتي محمدا قد شنأه وقلاه؟؟ فلما كان ليلة الأربعين لبس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المسوح - وهو حجة لمن لبس في هذه الأمة المسوح - ودخل إلى مصلاه ودعا فهبط عليه جبريل فقال: يا محمد أقرأه: (ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله). (و) اقرأ (أيضا) (والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى). مر القمر فلينشق فيكون نصفه على سطح مكة ويكون نصفه على (جبل) أبي قبيس وادع الشجرة فيأتيك نصفها ويبقى نصفها في موضعه. قال: فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أبي جهل ومن معه فلما حضروا أمر القمر فانشق نصفين فصار نصفه على سطح مكة وصار نصفه على أبي قبيس. ودعا (أيضاً) الشجرة فأتى نصفها وبقي نصفها في موضعه. فلما نظر أبو جهل ومن معه إلى تلك (المعجزة) قالوا: هذا سحر مستمر من سحر محمد. فأنزل الله على محمد صلى الله عليه وآله وسلم: ((اقتربت الساعة وانشق القمر وان يروا آية يعرضوا ويقولوا: سحر مستمر)))[75].

وربما يقال أنَّ عبارة (أمَرَ القمر) الواردة في الرواية تعني أنَّ الله سبحانه اقدره على شق القمر فامره فانشق! ويرد هذا انه خلاف الظاهر، ولا دليل على ان للمعصوم "قوة اعجازية" بل هو أمر الله الحقيقي وفعل النبي الظاهري كما بيناه في الصفحات السابقة. وهناك عدد من المعجزات جاءت مقارنة لفعل النبي الظاهري كمعجزة شق البحر للنبي موسى (عليه السلام) كما في قوله تعالى في سورة الشعراء: ((فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ البَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ العَظِيمِ (63)))، ومعجزة رمي الحصى للنبي (صلى الله عليه وآله) ومعجزة صنع الطير من الطين للمسيح (عليه السلام) ومعجازت أخرى له كما في قوله تعالى في الآية (110) من سورة المائدة: ((وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ المَوْتَى بِإِذْنِي))، وقوله تعالى في سورة آل عمران (عليهم السلام): ((وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأبْرَصَ وَأُحْيِي المَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (49))).انظروا لقول المسيح (عليه السلام): ((أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ)) وفيها اعتراف مطلق بأن المعجزات التي جاء بها المسيح (عليه السلام) هي من عند الله تبارك وتعالى لا مدخلية فيها للمسيح (عليه السلام) ولا لقوى نفسية عنده كما يزعمون.

وقال الشيخ الطبرسي في مجمع البيان عن ابن عباس: اجتمع المشركون إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالوا إن كنت صادقا فشق لنا القمر فرقتين فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إن فعلت تؤمنون؟) قالوا نعم، وكانت ليلة بدر فسأل ربه أن يعطيه ما قالوا فانشق القمر فرقتين ورسول الله (صلى الله عليه وآله) ينادي: (يا فلان يا فلان اشهدوا)[76].

وقال ابن كثير: (قال ابن عباس: اجتمع المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم الوليد بن المغيرة، وأبو جهل بن هشام، والعاص بن وائل، والعاص بن هشام، والأسود بن عبد يغوث، والأسود بن المطلب [ بن أسد بن عبد العزى ]، وزمعة بن الأسود، والنضر بن الحارث، ونظراؤهم [ كثير ]. فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن كنت صادقا فشق لنا القمر فرقتين نصفا على أبي قبيس ونصفا على قعيقعان. فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: (إن فعلت تؤمنوا؟) قالوا نعم! وكانت ليلة بدر - فسأل الله عز وجل أن يعطيه ما سألوا، فأمسى القمر قد سلب نصفا على أبي قبيس ونصفا على قعيقعان، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي: (يا أبا سلمة بن عبد الأسد والأرقم بن الأرقم اشهدوا). ثم قال أبو نعيم: وحدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا الحسن بن العباس الرازي، عن الهيثم بن العمان، حدثنا إسماعيل بن زياد، عن ابن جريج، عن عطاء عن ابن عباس. قال: انتهى أهل مكة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: هل من آية نعرف بها أنك رسول الله؟ فهبط جبرائيل فقال: (يا محمد قل لأهل مكة أن يحتفلوا هذه الليلة فسيروا آية إن انتفعوا بها). فأخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقالة جبرائيل فخرجوا ليلة الشق ليلة أربع عشرة، فانشق القمر نصفين نصفا على الصفا ونصفا على المروة فنظروا، ثم قالوا بأبصارهم فمسحوها، ثم أعادوا النظر فنظروا ثم مسحوا أعينهم ثم نظروا. فقالوا: يا محمد ما هذا إلا سحر واهب فأنزل الله: ((اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ القَمَرُ)))[77].

وقال السيوطي: (وأخرج أبو نعيم في الحلية من طريق عطاء والضحاك عن ابن عباس في قوله اقتربت الساعة وانشق القمر قال اجتمع المشركون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم الوليد بن المغيرة وأبو جهل بن هشام والعاصي بن وائل والعاصي بن هشام والأسود بن عبد يغوث والأسود بن المطلب وزمعة بن الأسود والنضر بن الحرث فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ان كنت صادقا فشق لنا القمر فرقتين نصفا على أبى قبيس ونصفا على قعيقعان فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: (إنْ فعلت تؤمنوا) قالوا نعم وكانت ليلة بدر فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه أن يعطيه ما سألوا فأمسى القمر قد مثل نصفا على أبى قبيس ونصفا على قعيقعان ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينادى: (يا أبا سلمة بن عبد الأسد والأرقم بن أبي الأرقم اشهدوا).

وأخرج أبو نعيم من طريق عطاء عن ابن عباس قال انتهى أهل مكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا هل من آية نعرف بها انك رسول الله فهبط جبريل فقال: (يا محمد قل يا أهل مكة ان تختلفوا هذه الليلة فسترون آية) فأخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقالة جبريل فخرجوا ليلة أربع عشرة فانشق القمر نصفين نصفا على الصفا ونصفا على المروة فنظروا ثم قالوا بأبصارهم فمسحوها ثم أعادوا النظر فنظروا ثم مسحوا أعينهم ثم نظروا فقالوا يا محمد ما هذا الا سحر ذاهب فأنزل الله: ((اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ القَمَرُ)))[78].

قال السيد الطباطبائي: (أقول: وقد روي انشقاق القمر بدعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم بطرق مختلفة كثيرة عن هؤلاء النفر من الصحابة وهم أنس، وعبد الله بن مسعود، وابن عمر، وجبير بن مطعم، وابن عباس، وحذيفة بن اليمان، وعد في روح المعاني ممن روي عنه الحديث من الصحابة عليا صلى الله عليه وآله وسلم ثم نقل عن السيد الشريف في شرح المواقف وعن ابن السبكي في شرح المختصر أن الحديث متواتر لا يمتري في تواتره)[79]. وهو اعتراف بأنَّ الروايات المشار اليها جاءت بأنَّ إنشقاق القمر كان بدعاء النبي (صلى الله عليه وآله).

فهذه الرواية صريحة ان انشقاق القمر لم يكن من قبل النبي (صلى الله عليه وآله) بل هو من قبل الله سبحانه ولم تحصل المعجزة الا بدعاء النبي (صلى الله عليه وآله) وبعدما اخبر جبريل (عليه السلام) النبي (صلى الله عليه وآله) بموعد حدوث تلك المعجزة. اي ان النبي (صلى الله عليه وآله) لم يتم تفويضه بفعل تلك المعجزات ولا ولاية تكوينية له من خلال "قوى اعجازية" مزعومة، بل حصلت المعجزة بأمر الله سبحانه، كما هي سائر معجزات الأنبياء السابقين (عليهم السلام).

وربما يقال انه ورد في اخبار اخرى كخبر تفسير القمي: (اني قد امرت كل شيء بطاعتك)[80]، والتي نقلها العلامة المجلسي (رض) في البحار ايضاً[81]. وفي خبر آخر عن مناقب ابن شهراشوب عن الامام الحسين (عليه السلام) انه قال: (والله ما خلق الله شيئا الا وقد امره بالطاعة لنا) التي قال السيد الخوئي (رض) عنها: الرواية ضعيفة السند ولا اقل من انها مرسلة[82]. وهذه الاخبار بغض النظر عن مدى اعتبارها وتدقيق اسانيدها قد تفيد ان الكائنات مسخّرة في طاعة المعصومين (عليهم السلام) لكنها لا تفيد بأنَّ المعصومين (عليهم السلام) يمتلكون "قوى اعجازية"! وبرغم ضعف سندها الا ان مضمونها مقبول ووارد لأنها تفيد تسخير الكائنات للنبي (صلى الله عليه وآله) والأوصياء (عليهم السلام) من ذريته الطاهرة، لتكون الى جانب تحقيق المعاجز عن طريق الدعاء.

 

اسناد فعل المعجزة الى الانبياء مجازي ام حقيقي؟

قال السيد الخوئي (رضوان الله عليه): (وأما الولاية التكوينية، فهي التصرف التكويني بالمخلوقات انسانا كان أو غيره، ويدل عليها آيات منها: قوله تعالى: ((وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ، فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ، فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ)) ومنها: قوله تعالى: ((إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِي)) ...الخ، حيث أسند الله الفعل إلى الأنبياء، وغير ذلك من الآيات)[83]. ولكن هل أنَّ إسناد الفعل اليهم (عليهم السلام) هو إسناد حقيقي أم مجازي؟ كما أنَّ السيد الخوئي لم يبين سبيل التصرف التكويني للمعصوم (عليه السلام) بالمخلوقات هل هو من خلال "قوى نفسية" مزعومة أم الدعاء أم التسخير؟

نعم نُقِرُّ أنَّ للأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) قدرة على التصرف التكويني بالمخلوقات انساناً كان أو غيره، ولكن ما هو سبيل ذلك التصرف؟ ما نعتقده أنَّ سبيلهم الى ذلك ليس التفويض والولاية التكوينية الصوفيّة بل سبيلي الدعاء والتسخير أي إستجابة دعائهم (عليهم السلام) بالاضافة الى أمر الله تبارك وتعالى للمخلوقات بإطاعة أوامر النبي (صلى الله عليه وآله) والائمة الهداة (عليهم السلام).

والآيات القرآنية والروايات التي اوردناها تبين أنَّ ذلك التصرف التكويني انما يتم من خلال الدعاء أو من خلال إطاعة المخلوقات لهم (صلوات الله عليهم) بإذن الله، حيث لم تشر الى اي تفويض لهم (عليهم السلام) بإحداث أي معجزة او كرامة، كما لم تنص على وجود "قوى اعجازية" لديهم.

واما الاية الكريمة التي أشار السيد الخوئي اليها وهي قوله تعالى: ((وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك، فإذا هي تلقف ما يأفكون، فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون، فغلبوا هناك وانقلبوا صاغرين)) فقد بيّنا آنفاً أنَّ فعل المعجزة انما تمَّ من قبل الله سبحانه وان موسى (عليه السلام) فقط مأمور بإلقاء العصا دون ان يكون له دور آخر في احداث المعجزة التي حدثت من قبل الله سبحانه، كما هو حال سائر المعجزات.

واما الآية الاخرى التي ذكرها السيد الخوئي (رضوان الله عليه) فتتعلق بالمسيح (عليه السلام)، قوله تعالى: ((إذ قال الله يا عيسى ابن مريم أذكر نعمتي عليك وعلى والدتك، إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا، وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل، وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني، فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني، وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني، وإذ تخرج الموتى بإذني... الخ))، قال: (حيث أسند الله الفعل إلى الأنبياء) وهو صحيح ولكن هو اسناد مجازي وليس حقيقي، فالمعجزة تحدث على يد النبي (عليه السلام) ولكن بأمر الله تعالى وليس بتفويض النبي (عليه السلام) لفعلها من خلال "قوى اعجازية". وقد ذكرنا في سطور ماضية رواية الكافي التي توضح ان احياء المسيح (عليه السلام) للموتى كان عن طريق الدعاء، وفيها: (فانطلقا حتى أتيا قبره فوقف عليه عيسى عليه السلام ثم دعا الله تعالى فانفرج القبر وخرج ابنها حياً).

 وكذلك قوله تعالى عن انزال المائدة: ((قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ))[84]، ولو كانت لعيسى (عليه السلام) قدرة تكوينية إعجازية بغير الدعاء لاستخدمها مباشرة لانزال المائدة بدلاً من الدعاء.

ونقرأ أيضاً جواباً للسيد الخوئي (رضوان الله عليه) فيه تأييد لما ذهبنا اليه، فقد سُئِلَ التالي: ((947) فإنّ المنسوب إلى سماحتكم أنّكم تعتقدون بأنّ علم النبي والأئمة الهداة (عليهم السّلام) علم حضوري لا حصولي، وأنّهم محيطون بكل ما يعلمه الله (سبحانه وتعالى): وأنّكم قلتم إنّ علمهم (عليهم السّلام) علم حضور وإحاطة لا علم حصول وإخبار. كما أنّه نسب إليكم القول بأنّهم (عليهم السّلام) يخلقون ويرزقون ويحيون ويميتون، وكل ذلك بالقدرة الموجودة فيهم هم على فعل هذه الأشياء، ومعنى هذا بأنّ المعاجز ليست من فعل الله الذي يجريها على أيديهم، بل أنّه (سبحانه وتعالى) جعلهم الفاعلين لكل ما ذكرناه، فهل هذا الكلام صحيح؟ وما مدى صحة ما نسب إليكم؟) فكان جوابه: (باسمه تعالى: هذه النسبة غير صحيحة، نحن نعتقد إجمالًا بأنّهم عالمون بما علَّمهم الله تعالى تفضلًا عليهم وتكرّماً لهم وإجابةً لما يحتاج النّاس إليه ولهم الولاية التكوينية إجمالًا وهم فاعلون بإذن الله التكويني فيما هو صلاح عندهم والله هو الخالق الرازق المحيي المميت، والله العالم)[85]. وهذا الجواب يبين بوضوح معارضة السيد الخوئي (رض) لمن يقول بتفويض الانبياء والاوصياء (عليهم السلام) التصرف التكويني بالمعنى الصوفي، ورفض ما ورد في السؤال حول (القدرة الموجودة فيهم هم على فعل هذه الأشياء) وأنَّ كل شيء هو بيد الله سبحانه ويتم بإذنه. وواضح من خلال السؤالين السابقين ان مفهوم (الولاية التكوينية) الذي ورد في إجابة السؤال الأخير يختلف عن مفهوم الولاية التكوينية الصوفية ذات "القوى الاعجازية" التي يزعمون وجودها في نفس المعصوم (عليه السلام)! فالظاهر أن مفهومها لديه هو الولاية التكوينية الدُعائية المستند أو التسخيرية بتسخير الله تبارك وتعالى كائنات للمعصومين (عليهم السلام)، وهم بدورهم لا يشاؤون الا ما يشاء الله سبحانه وتعالى.

 

من اقوال العلماء في مقام الدعاء المستجاب

وفيما يلي استعراض لبعض اقوال العلماء حول المعجزة وانها انما تحدث بدعاء النبي أو الوصي، وليس بتفويضهما:

قال الشيخ المفيد: (والمفوضة صنف من الغلاة، وقولهم الذي فارقوا به من سواهم من الغلاة اعترافهم بحدوث الأئمة وخلقهم ونفي القدم عنهم وإضافة الخلق والرزق مع ذلك إليهم، ودعواهم أن الله سبحانه وتعالى تفرد بخلقهم خاصة، وأنه فوض إليهم خلق العالم بما فيه وجميع الأفعال)[86].

فقوله: (ودعواهم أن الله سبحانه وتعالى تفرد بخلقهم خاصة وأنه فوض إليهم خلق العالم) هي مطابقة لقول الفلاسفة (الواحد لا يصدر منه الا واحد) أو ما تعرف بنظرية الصادر الأول! فهؤلاء المفوضة زعموا انَّ الله تبارك وتعالى خلق آل البيت الأطهار (عليهم السلام) فقط وهم الذين خلقوا العالم! وقولهم (أنه فوض إليهم خلق العالم بما فيه وجميع الأفعال) يعني أنَّ جميع المعجزات إنما صدرت عن آل البيت (صلوات الله عليهم) ولم تصدر عن الله تبارك وتعالى!!

وهذا النص المهم يكشف عن انَّ تغلغ الفكر الفلسفي في التشيّع إنما كان في مراحل مبكرة تعود الى ما قبل عصر الشيخ المفيد!

قال الشيخ قطب الدين الراوندي[87](توفي 573هـ): (وإن المعجزة تظهر عند دعاء الرسول أو الوصي ابتداءا من غير تكلف آلة وأداة منه أكثر من دعائه لله تعالى أن يفعل ذلك)[88].

وقال ايضاً: (والمعجزة لا تتعلق بزمان مخصوص، ولا ببقعة مخصوصة، ولا يستعين فيها صاحبها بآلة ولا أداة، وإنما يظهرها الله على يده عند دعائه ودعواه، وهو لم يتكلف في ذلك سببا، ولا استعان فيها بعلاقة ولا معالجة، ولا أداة ولا آلة. وأنها على الوجه الناقض للعادات، والباهر للعقول، القاهر للنفوس، حتى تذعن لها الرقاب والأعناق، وتخضع لها النفوس، وتسمو إليها القلوب ممن أراد أن يعلم صدق من أظهرها عليه)[89].

وقال الشيخ زين الدين علي بن يونس العاملي النباطي البياضي (متوفى 877هـ): (أن المعجزة غايتها الدعاء إلى الله سبحانه وتزداد ظهورا مع الأزمان)[90].

وقال الشيخ محمد باقر المجلسي (توفي 1111هـ): (ثم نقول في الفصل بين المعجزة والشعوذة ونحوها: فرق قوم من المسلمين بين المعجزات والمخاريق، بأن قالوا المعجزة يظهرها الله لرسول أو وصي رسول عند الأفاضل من أهل عصره والأماثل منهم، فيتعذر عليهم فعلها عند التأمل لها والنظر فيها على كل حال، والشعوذة يظهرها صاحبها عند الضعفة من العوام والعجايز، فإذا بحث عن أسبابها المبرزون وجدوها مخرقة، والمعجزة على مر الأيام لا تزداد إلا عن ظهور صحه لها ولا تنكشف إلا عن حقيقة فيها. وإن الشعوذة ربما تعلم من يظهر عليه مخرجها وطريقها وكيف يتأتى ويظهر مما يهتدي صاحبها إلى أسبابها، ويعل أن من شاركه فيها أتى بمثل ما يأتي هو به، وإن المعجزة يجري أمرها مجرى ما ظهر في عصا موسى عليه السلام من انقلابها حية تسعى حتى انقادت إليه السحرة، وخاف موسى أن تلتبس بالشعوذة على كثير من الحاضرين. وإن المعجزة تظهر عند دعاء الرسول أو الوصي ابتداء من غير تكلف آلة وأداة منه والشعوذة مخرقة وخفة يد تظهر على أيدي بعض المحتالين بأسباب مقدرة لها وحيل متعلمة أو موضوعة فيمكن المساواة فيها ولا يتهيأ ذلك إلا لمن عرف مباديها، ولابد من آلات يستعين بها في إتمام ذلك ويتوصل بها إليه)[91].

وقال مير سيد علي الحائري الطهراني (متوفى 1340هـ): (لأنّ المعجزة شهادة من اللَّه له بالنبوّة)[92].

وكان السيد محمد باقر الدرجئي وهو استاذ السيد البروجردي (رضوان الله عليه) يذهب الى ان الولاية التكوينية لا دليل عليها[93].

وقال الشيخ محمد جواد مغنية (توفي 1400هـ) حول قوله تعالى: ((وما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّه)): (المعجزة بيد اللَّه لا بيد رسوله)[94].

وقال الشيخ محمد آصف محسني حول مصدر المعجزة: (كونها من قبل الله تعالى أو بأمره ذكره العلامة وجماعة من العامة لكنه عندي لغو، بعد اعتبار عدم إمكان معارضتها لأحد كما ستعرفه، فالمعجزة حينئذٍ لا تكون إلا من قبل الله، فافهم)[95].

وقال الشيخ ماجد الكاظمي: (وحتى جريان المعجزة على يد الانبياء والائمة (عليهم السلام) لم يكن بالاستقلال ولا بالتفويض والذي ذهب اليه علماؤنا ونطقت به الاخبار انما هو من باب استجابة الدعاء يقول الشيخ المفيد (رحمه الله) في الرد على المفوضة بعد قوله اولاً (والغلاة من المتظاهرين بالاسلام هم الذين نسبوا امير المؤمنين والائمة من ذريته (عليهم السلام) الى الالوهية والنبوة ووصفوهم من الفضل في الدين والدنيا الى ما تجاوزوا فيه الحد وخرجوا عن القصد وهم ضلال كفار حكم فيهم امير المؤمنين (عليه السلام) بالقتل والتحريق بالنار وقضت الائمة (عليهم السلام) عليهم بالاكفار والخروج عن الاسلام): والمفوضة صنف من الغلاة وقولهم الذي فارقوا به من سواهم من الغلاة اعترافهم بحدوث الائمة وخلقهم ونفي القدم عنهم واضافة الخلق والرزق مع ذلك اليهم ودعواهم ان الله سبحانه وتعالى تفرد بخلقهم خاصة وانه فوّض اليهم خلق العالم بما فيه وجميع الافعال)[96].

 

كلام السيد الحائري حول نفي التفويض والولاية التكوينية

قال السيد كاظم الحائري: (فقد يكون المراد بالولاية التكوينية أنّ اللّه عز وجل فوض العالم وما يجري فيه الى الإمام عليه السلام، فالإمام هو الذي يُسيّر الأحداث، فإن كان هذا هو مقصود القائل بالولاية التكوينية، فعندئذٍ نقول: إنّ هذا ينقسم الى قسمين أو يحتمل فيه احتمالان، أمّا أن يفترض أصحاب هذا الرأي أنّ الإمام يسيّر الأحداث وفق عللها الغائبة عنّا والتي عرّفها له اللّه تبارك وتعالى، فالإمام وفق العلل يسيّر الأحداث، وأمّا أن يفترض - ما يشبه مقولة المفوّضة - أنّ اللّه تبارك وتعالى كأنّما فوض الاُمور إليهم، وبدلاً عن إرادة اللّه «إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون» تحلّ إرادة الأئمة عليهم السلام ويقع ما يريدون فهم الذين يريدون الحياة لمن يحيى ويريدون الموت لمن يموت وهكذا، وبالإرادة مباشرة يفعل الإمام ما يريد. فإن فُرض الأوّل وهو أنّ اللّه تبارك وتعالى أرشد الأئمة عليهم السلام الى علل الحوادث والأحداث فيتصرفون في العالم وفق تحريك العلل، فهذا كلام فى الوقت الذي لم أجد دليلاً عليه لا في كتاب ولا في سنّة، لا يوجد دليل مخالف ومعارض له فى الكتاب والسنّة، ولا توجد لدينا ضرورة دينية تمنع عن القول بذلك[97].  أمّا لو قصدوا المعنى الثاني وهو أنّ اللّه فوض إليهم الاُمور، فكما أنّ اللّه تبارك وتعالى يفعل ما يريد وما يشاء وبإرادته يُسير العالم كذلك نفترض الإمام عليه السلام، وكأنّه يحلّ محلّ اللّه تبارك وتعالى، وبإذنه سبحانه ومشيئته، فهذا فى روحه يرجع الى التفويض، أو الى شق من شقوق التفويض، الذي ننكره كما ننكر الجبر ونقول، لا جبر ولا تفويض.  انّ التفويض له معنيان وشقان، فتارة يُفترض أنّ اللّه تعالى فوض العالم الى عباده وهو كأنّما ترك العالم، وعبادُه يفعلون ما يريدون، واُخرى يفترض: أنّ اللّه تبارك وتعالى فوض العالم الى قسم من عباده فقط وهم المعصومون عليهم السلام، وهذا التفويض بشقيه يخالف ظاهر الآيات المباركات التي تسند الاُمور - دائماً ومباشرة - الى اللّه تعالى كما في الآيات التي أشرنا إليها منها قوله تعالى: «ألا له الخلق والأمر» وقوله تعالى «إنّ اللّه هو الرزّاق» وقوله تعالى «اللّه يتوفى الأنفس حين موتها» وقوله تعالى «لن يصيبنا إلّا ما كتب اللّه لنا» وما شابه ذلك. كما أنّ هناك آيات اُخرى تقبل الحمل على نفس المعنى الذي ندّعيه من قبيل قوله تعالى بالنسبة للمسيح عليه السلام: «وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيه فتكون طيراً بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني»، فالمقطع الأوّل، «وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني» هو من القسم الذي ذكرناه من أنّ فعل البشر ينسبه الى اللّه بالمعنى الذي شرحناه، فقد خلق من الطين كهيئة الطير - وكل إنسان يستطيع أن يخلق الطين كهيئة الطير - وهو فعل البشر ومع ذلك فإنّ اللّه تعالى يقول: «بإذني» وكل ما قام به عيسى عليه السلام هو بإذن اللّه، من إبراء الأكمه والأبرص وإخراج الموتى وغير ذلك، كما أنّ الآية الاُخرى تتحدث عن لسان عيسى عليه السلام: «أني اخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيراً بإذن اللّه واُبري الأكمه والأبرص واُحيي الموتى بإذن اللّه واُنبّئكم بما تأكلون وما تدّخرون في بيوتكم». إن كلمة بإذني أو كلمة بإذن اللّه فى هذه الآيات المباركات هي على منوال الآيه الاُخرى التي تقول: «وما كان لنفس أن تموت إلّا بإذن اللّه»، الذي يعني أنّ الموت من قبل اللّه تعالى، فهو الذي يميت النفس، وهو الذي يميت الإنسان، «وما كان لنفس أن تموت إلّا بإذن اللّه»، وكذلك في الآيات الماضية حينما يقول «اُبرى‏ء الأكمه والأبرص» و«اُحيي الموتى بإذن اللّه» أي أنّ اللّه تعالى يُبري‏ء الأكمه والأبرص ويحيي الموتى، وما على عيسى عليه السلام إلّا أن يطلب من اللّه تبارك وتعالى أن يُيري‏ء ويحيي، وعندها يُيري‏ء ويحيي سبحانه وتعالى.

روايات إثبات الولاية التكوينية للأئمة (عليهم السلام): أمّا الروايات التي قد يتسمك بها لإثبات الولاية التكوينية للأئمة عليهم السلام فهي من قبيل ما ورد فى زيارة الجامعة الكبيرة كقوله عليه السلام: «بكم فتح اللّه وبكم يختم وبكم ينزل الغيث وبكم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه وبكم ينفّس ألهم...»، قد يفترض أنّ هذا يعني الولاية التكوينية، أي أنّ الأئمة هم الذين يديرون الأرض والسماء والغيث وما شابه، وكذلك الرواية المعروفة أو الحديث القدسي المعروف على الألسن، «لولاك لما خلقت الأفلاك»، ومنها الروايات الواردة بعنوان «لولا الحجّة لساخت الأرض بأهلها»، فيقال إنّ حياة العالم مرتبطة بحياة الإمام والحجّة المعصوم، ولولاه لفنى وانتهى العالم، ومنها ما روي عن أبي حمزة «قال: قلت لأبي عبد اللّه الصادق عليه السلام، تبقى الأرض بغير امام؟ قال عليه السلام لو بقيت الأرض بغير امام لساخت» ورواية اُخرى، وهي التوقيع الشريف المعروف عن الإمام صاحب الزمان الذي أجاب فيه على عدة اسئلة من جملتها قوله عليه السلام: «وأمّا وجه الانتفاع في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيبتها عن الأبصار السحاب، وإني لأمان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء»، وعن الإمام الباقر عليه السلام  يقول: «لو بقيت الأرض يوما بلا ا مام منّا لساخت بأهلها، ولعذبهم اللّه بأشد عذابه، وذلك أنّ اللّه تبارك وتعالى جعلنا حجة في أرضه، وأماناً في الأرض لأهل الأرض، لن يزالوا في أمان من أن تسيخ بهم الأرض ما دمنا بين أظهرهم، فإذا أراد اللّه أن يهلكهم ولا يمهلهم ولا ينظرهم ذهب بنا من بينهم ورفعنا اللّه، ثم يفعل اللّه ما يشاء {شاء} وأحبَّ»، وأمثال هذه الروايات كثيرة وهي شبه متواترة كلها تدل على هذا المضمون، وعلى أنّ قوام العالم بالإمام المعصوم وبدونه ينتهي العالم. فمجموع هذه الروايات لا شكّ تعطي معنى مسلماً عند أتباع مدرسة أهل البيت عليه السلام، وهو أن قيام العالم ووجود العالم وسبب الحياة فى العالم كله مرتبط  بالإمام المعصوم، ولولاه لما كان شي‏ء من هذا القبيل، إلّا أنّ هذا لا يعني ما يسمى بالولاية التكوينية، فافتراض أنّهم سلام اللّه عليهم هم الذين يباشرون العمل الذي يفترض مباشرته من قبل اللّه تبارك وتعالى شي‏ء، وافتراض أنّ اللّه تعالى هو الذي يديم العالم ويدير الاُمور ببركتهم سلام اللّه عليهم شي‏ء آخر، وهذه الروايات انّما دلت على المفهوم الثاني ولم تدل على المفهوم الأوّل، فالاستدلال بها على مبدأ الولاية التكوينية بالمعنى الأوّل خلط بين المفهومين)[98].

اذن لا ولاية تكوينية ولا تفويض للانبياء والاوصياء (عليهم السلام) لا في ادارة الكون ولا في التصرف التكويني ولا في المعجزات. انما هو تصرف بالتكوين بما سخره الله سبحانه لهم من كائنات، وكذلك بما استجيب لهم من دعاء، كما دلّ على ذلك الدليل.

 

مناقشة بحث المعجزة في تفسير الميزان

قال السيد الطباطبائي في تفسير الميزان: (وأما قوله تعالى: "قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا" فليس مدلوله نفي تأييد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالآيات المعجزة وإنكار نزولها من أصلها كيف؟ وهو ينفيها عن نفسه بما أنه بشر رسول، ولو كان المراد ذلك لأفاد إنكار معجزات الأنبياء جميعا لكون كل منهم بشرا رسولا، وصريح القرآن فيما حدث من قصص الأنبياء وأخبر عن آياتهم يناقض ذلك، وأوضح من الجميع في مناقضة ذلك نفس الآية التي هي من القرآن المتحدي بالاعجاز. بل مدلوله أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بشر رسول غير قادر من حيث نفسه على شئ من الآيات التي يقترحون عليه، وإنما الامر إلى الله سبحانه إن شاء أنزلها وان لم يشأ لم يفعل قال تعالى: "وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون" الانعام: 109، وقال حاكيا عن قوم نوح: "قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا ان كنت من الصادقين قال إنما يأتيكم به الله إن شاء" هود: 33، وقال: "وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله" المؤمن: 87، والآيات في هذا المعنى كثيرة)[99].

غير ان السيد الطباطبائي في موضع آخر في تفسيره الميزان يتوسع في مناقشة قضية المعجزة فيذكر قضايا خطيرة متعلقة بها، نذكر منها التالي:

1.        يرى السيد الطباطبائي ان المعجزة والسحر لهما نفس المنشأ وهو نفس الانسان! قال: (أن حدوث الحوادث الخارقة للعادة إجمالا ليس في وسع العلم إنكاره والستر عليه، فكم من أمر عجيب خارق للعادة يأتي به أرباب المجاهدة وأهل الارتياض كل يوم تمتلي به العيون وتنشره النشريات ويضبطه الصحف والمسفورات بحيث لا يبقى لذي لب في وقوعها شك ولا في تحققها ريب[100]. وهذا هو الذي ألجأ الباحثين في الآثار الروحية من علماء العصر أن يعللوه بجريان امواج مجهولة الكتريسية مغناطيسية فافترضوا أن الارتياضات الشاقة تعطي للانسان سلطة على تصريف أمواج مرموزة قوية تملكه أو تصاحبه إرادة وشعور وبذلك يقدر على ما يأتي به من حركات وتحريكات وتصرفات عجيبة في المادة خارقة للعادة بطريق القبض والبسط ونحو ذلك. وهذه الفرضية لو تمت واطردت من غير انتقاض لأدت إلى تحقق فرضية جديدة وسيعة تعلل جميع الحوادث المتفرقة التي كانت تعللها جميعا أو تعلل بعضها الفرضيات القديمة على محور الحركة والقوة ولساقت جميع الحوادث المادية إلى التعلل والارتباط بعلة واحدة طبيعية. فهذا قولهم والحق معهم في الجملة إذ لا معنى لمعلول طبيعي لا علة طبيعية له مع فرض كون الرابطة طبيعية محفوظة، وبعبارة أخرى إنا لا نعني بالعلة الطبيعية إلا أن تجتمع عدة موجودات طبيعية مع نسب وروابط خاصة فيتكون منها عند ذلك موجود طبيعي جديد حادث متأخر عنها مربوط بها بحيث لو انتقض النظام السابق عليه لم يحدث ولم يتحقق وجوده)[101].

 

2.        وقال ايضاً: (القرآن يثبت تأثيرا في نفوس الأنبياء في الخوارق[102] ثم إنه تعالى قال: (وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله فإذا جاء أمر الله قضي بالحق وخسر هنالك المبطلون) المؤمن - 78. فأفاد إناطة اتيان أية آية من أي رسول بإذن الله سبحانه فبين أن إتيان الآيات المعجزة من الأنبياء وصدورها عنهم إنما هو لمبدأ مؤثر موجود في نفوسهم الشريفة متوقف في تأثيره على الاذن[103] كما مر في الفصل السابق. قال تعالى: (واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله) البقرة - 102. والآية كما انها تصدق صحة السحر في الجملة كذلك تدل على أن السحر أيضا كالمعجزة في كونه عن مبدأ نفساني في الساحر لمكان الاذن[104]. وبالجملة جميع الأمور الخارقة للعادة سواء سميت معجزة أو سحرا أو غير ذلك ككرامات الأولياء وسائر الخصال المكتسبة بالارتياضات والمجاهدات جميعها مستندة إلى مباد نفسانية ومقتضيات إرادية على ما يشير إليه كلامه سبحانه[105] الا ان كلامه ينص على أن المبدأ الموجود عند الأنبياء والرسل والمؤمنين هو الفائق الغالب على كل سبب وفي كل حال، قال تعالى: (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين انهم لهم المنصورون وان جندنا لهم الغالبون) الصافات - 173، وقال تعالى: كتب الله لأغلبن أنا ورسلي) المجادلة - 21، وقال تعالى: إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد) المؤمن - 51. والآيات مطلقة غير مقيدة. ومن هنا يمكن أن يستنتج أن هذا المبدأ الموجود المنصور أمر وراء الطبيعة وفوق المادة. فان الأمور المادية مقدرة محدودة مغلوبة لما هو فوقها قدرا وحدا عند التزاحم والمغالبة، والأمور المجردة أيضا وان كانت كذلك إلا أنها لا تزاحم بينها ولا تمانع إلا ان تتعلق بالمادة بعض التعلق، وهذا المبدأ النفساني المجرد المنصور بإرادة الله سبحانه إذا قابل مانعا ماديا أفاض إمدادا على السبب بما لا يقاومه سبب مادي يمنعه فافهم)[106].

فمذهب السيد الطباطبائي في المعجزة يلزم منه ان نفس النبي (صلى الله عليه وآله) لها مدخلية بخلق معجزة القرآن الكريم! فهل يتوافق هذا مع قوله تعالى: ((وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً))[107]، وأعني العندية المذكورة في الآية الكريمة. فهل أنَّ صدور القرآن من عند النبي هو لمبدأ مؤثر موجود في نفسه الشريفة متوقف في تأثيره على الاذن على حد تعبيره! وهذا يقودنا الى بعض الإثارات أهمها: الاولى القول بصدور المعجزة لمؤثر في نفس النبي تعني ان كل معجزات الانبياء صدرت بنفس الطريقة! فأين الدليل على ذلك؟ والثانية ما هو معنى الإذن المشار اليه في الآية الكريمة؟. والثالثة انَّ السيد الطباطبائي جمع بين كلمة (الأذن) المشار اليها في قوله تعالى: ((وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله))[108] وبين كلمة الأذن الواردة في قوله تعالى بخصوص السحر: ((وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله))[109]، فذهب الى ان السحر مثل المعجزة كلاهما يكونان بأذن الله ولكن من أين جاء بأن معنى (الأذن) في الآيتين الكريمتين هو معنى واحد؟! وهل هذا الذي ذهب اليه هو السبب في قوله بأنَّ المعجزة والسحر تحتاجان الى صدورهما الى مؤثر في نفس النبي والساحر على التوالي!!

امّا بخصوص الإثارة الأولى فلا يوجد دليل على ان المعجزة تصدر عن مؤثر في نفوس الأنبياء (عليهم السلام)، وذهب السيد الطباطبائي الى ذلك لقياسه بين المعجزة والسحر! فعلى ماذا استند في هذا القياس!!

واما بخصوص الإثارة الثانية بخصوص معنى (الإذن) فقد مرَّ عليك أن معناه يكون في الآيات التي تتحدث عن خلق المسيح (عليه السلام) للطير هو: بأمر الله.

أمَّا بخصوص الإثارة الثالثة وهي ربط السيد الطباطبائي بين الآيتين الكريمتين الأولى المتعلقة بالمعجزة والثانية المتعلقة بالسحر، لوجود مشترك بينهما هو لفظ (الأذن)، قوله تعالى: ((وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله))[110] وقوله تعالى بخصوص السحر: ((وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله))[111]، وقد علمتَ أنَّ للفظ (الأذن) معاني متعددة، وأنَّه يمكن أن يكون معنى الأذن في الآية الأولى هو (الأمر) وفي الآية الثانية (التخلية). وبالاضافة الى ذلك نقول أنَّ المعجزات - كما ذكرنا آنفاً - هي من فعل الله سبحانه وتكون نتيجتها مستحيلة التحقق وفق القوانين المادية وليست ممتنعة عقلاً، كما لا يمكن للانسان الاتيان بها على الاطلاق. بينما الخوارق هي امور خارقة للقوانين المادية المعروفة ياتي بها المشعوذ أو الساحر بعد تعلمه طريقة ورياضات معينة. وكل انسان يمكنه ان يكون مشعوذاً أو ساحراً ويأتي بالخوارق اذا تعلم منهج السحر اي الطرق والرياضات الخاصة بها. فلا وجه للمقارنة بين المعجزات والخوارق.

فقول السيد الطباطبائي: (وبالجملة جميع الأمور الخارقة للعادة سواء سميت معجزة أو سحرا أو غير ذلك ككرامات الأولياء وسائر الخصال المكتسبة بالارتياضات والمجاهدات جميعها مستندة إلى مباد نفسانية ومقتضيات إرادية على ما يشير إليه كلامه سبحانه)! نقول: قد ذكرنا آنفاً أنّه ليس هناك دليل على ان المعجزات هي من نمط الخوارق الغنوصية التي يأتي بها بعض المشعوذين والسحرة والتي تستند الى مباديء نفسية. فعلى سبيل المثال نجد ان معجزة القرآن الكريم لا يمكن ان تستند الى مبادىء نفسية لأن القرآن الكريم هو كلام الله سبحانه، والله عزَّ وجل يخلق كلامه. فلا مدخلية لنفس النبي (صلى الله عليه وآله) بكلام يخلقه الله تعالى، ام يريدون ان يقولون ان الله تعالى اشرك نبيه في خلق كلامه، والعياذ بالله.

 

3.     وقال السيد الطباطبائي ايضاً: (القرآن كما يسند الخوارق إلى تأثير النفوس يسندها إلى أمر الله تعالى)[112]، وقد بينّا مجانبة هذا الكلام للصواب!

4.       وقال في موضع تالٍ: (فالأمور جميعا سواء كانت عادية أو خارقة للعادة وسواء كان خارق العادة في جانب الخير والسعادة كالمعجزة والكرامة، أو في جانب الشر كالسحر والكهانة مستندة في تحققها إلى أسباب طبيعية)[113]، ونقول: قد علمتَ ان السيد الطباطبائي لم يميز بين المعجزة والخوارق ويعتبرهما قضية واحدة، فهذا النص يساوي بين المعجزة والسحر في احتياجها الى اسباب طبيعية لانتاجها!

5.     قال السيد الطباطبائي: (كلا فليست المعجزة معجزة من حيث أنها مستندة إلى سبب طبيعي مجهول حتى تنسلخ عن اسمها عند إرتفاع الجهل وتسقط عن الحجية، ولا أنها معجزة من حيث استنادها إلى سبب مفارق للعادة، بل هي معجزة من حيث أنها مستندة إلى أمر مفارق للعادة غير مغلوب السبب قاهرة العلة البتة، وذلك كما أن الامر الحادث من جهة إستجابة الدعاء كرامة من حيث استنادها إلى سبب غير مغلوب كشفاء المريض مع أنه يمكن ان يحدث من غير جهته كجهة العلاج بالدواء غير أنه حينئذ أمر عادي يمكن أن يصير سببه مغلوبا مقهورا بسبب آخر أقوى منه)[114]. ونقول: هذا الكلام يتعارض مع الفكرة السابقة التي ذكرها حول تأثير نفس النبي في صدور المعجزة! فحينما نتحدث عن استناد المعجزة الى سبب غير مغلوب فلا يمكن ان يكون مفهوماً أنَّ ذلك السبب غير المغلوب هو صادر عن نفس النبي (صلى الله عليه وآله) في الوقت الذي يصرّح القرآن الكريم بقوله في آية كريمة: ((قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَّسُولاً))[115]، والاية التي تتلوها قوله تعالى: ((وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الهُدَى إِلاَّ أَن قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَّسُولاً)) فكان يمكن ان يكون الجواب للناس انه ليس فقط بشر رسول بل لنفسه تأثير في احداث المعجزة!! ولكن هذا لم يحدث لأنه ليس حقيقي.

 

ولنا ان نتسائل: لو كان للانبياء (عليهم السلام) وللسحرة تأثير لنفوسهم في احداث المعجزة والسحر، على التوالي، فهذا يعطي الذريعة للكفار بجحود المعجزة لأن مصدرها قد يكون نفس الساحر وانها نتيجة السحر، كما في معجزة انشقاق القمر، قال تعالى: ((اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ القَمَرُ، وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرّ))، فوفقاً لمذهب السيد الطباطبائي يكون الكفار معذورين في انهم نسبوا انشقاق القمر الى السحر لأن تأثير السحر انما مصدره نفس الساحر كما ان المعجزة مصدرها نفس النبي أي أنَّ المعجزة والسحر تأثيرهما نفس بشريّة!! وربما يقول قائل ان المعجزة الالهية تكون مستندة لسبب غير مغلوب كما هو رأي السيد الطباطبائي، ولكن قد يرد الكافر على هذا أنَّ النفوس متفاوتة فيما بينها فنفس أقوى من نفس، وعلى هذا الرأي تصدر المعجزة لأنه فقط تكون نفوس الأنبياء أقوى ممن سواهم فتكون معجزاتهم النفسية اقوى من غيرهم من السحرة!!

فلا يمكن ان نقبل القول بمدخلية نفوس الانبياء بإحداث المعجزة، بل الله سبحانه هو ((خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ))[116]بنص القرآن الكريم، والمعجزة شيء من بين الاشياء، فهو خالقها، ولا يمكن ان يشرك الله سبحانه في فعله الخلق، لغناه عن ذلك، بالاضافة الى انَّه ليس لعجز في الفاعل بل لنقص في القابل.

ولا يخفى ان آراء السيد الطباطبائي يمكن اعتبارها مرآة لآراء مدرسة الحكمة المتعالية فهو من اساطينها، ولذلك يمكننا الجزم بان هذه المدرسة الفلسفية-العرفانية ترى ان الانسان يمكنه من خلال بعض الرياضات الغنوصية ان يصل الى امتلاك المقدرة على التحكم في الكائنات. ولا نبالغ في هذا القول بل ان ما ورد في كلام السيد الطباطبائي من حيث تأثير نفس الانسان في إحداث المعجزات والخوارق يكشف عن محاولات بعض الغنوصيين للتحكم في مقدرات الكائنات. وفي نفس السياق نجد في نتاجات مدرسة الحكمة المتعالية ما يؤيد ما توصلنا اليه حيث نقرأ قول سيد كمال الحيدري في معرض كلامه عن الاسماء الحسنى: (إنَّ الانسان لو رزق علم الاسماء وعلم الروابط والعلاقات التي بينها وبين الاشياء وما تقتضيه اسماؤه تعالى مفردة ومؤلّفة، علم النظام الكوني بماجرى وبما يجري عليه من قوانين كلّية منطبقة على جزئياتها واحداً بعد واحد)[117].

كما أنَّ لدى غالبية المشتغلين بالعرفان والفلسفة كتب روحانية تتحدث عن علم الفلك وتأثيراته على حياة الانسان اليومية وعلم الحروف وعلم الرمل وعلم الطلاسم والتنجيم والسحر وتسخير الجان، وابرز من برع في هذا الميدان الاب الروحي لمدرسة الحكمة المتعالية ابن عربي[118].

 

فتاوى شرعية حول مقام الدعاء المستجاب

سئِلَ السيد الخوئي: (هل يجوز طلب الولد أو الرزق أو الحفظ والأمان... الخ من المعصومين عليهم السلام مباشرة - لا لأنهم يخلقون أو يرزقون وإنما لأنهم الوسيلة إلى الله تعالى والشفعاء إليه بقضاء الحاجات ولأنهم لا يفعلون شيئا إلا بإذنه جل شأنه فهم يسألونه فيخلق ويسألونه فيرزق، ولا ترد لهم مسألة أو دعاء لمنزلتهم منه جل شأنه ولولايتهم علينا، وقد قال تعالى (وابتغوا إليه الوسيلة) ويبتغون إلى ربهم الوسيلة؟) فأجاب (رضوان الله عليه): (لا بأس بذلك القصد)[119].

وفي الفتاوى الميسرة لسماحة السيد السيستاني (دام ظله الوارف) ننقل منها هذه الحوارية:

(سأنتقل إلى سؤال عقائدي هذه المرة فأسأل عن جواز طلب الرزق أو الولد أو الحفظ أو الشفاء من المعصومين مباشرة؟

- دعني أسألك أولا: تطلب منهم ذلك، لأنهم يخلقون، أو يرزقون، أو يحفظون؟

- كلا، بل لأنهم الوسيلة إلى الله سبحانه وتعالى والشفعاء إليه بقضاء الحاجات ولأنهم لا يفعلون شيئا إلا بإذنه جل وعلا.

- تقصد يسألون الله تعالى فيخلق، ويسألونه فيرزق، ويسألونه فيحفظ، ولأنهم شفعاء لا ترد لهم مسألة أو دعاء، ولمنزلتهم منه جل شأنه، ولولايتهم علينا؟

- نعم، نعم.. أقصد ذلك.

- هذا جائز. قال سبحانه وتعالى: (وابتغوا إليه الوسيلة) وهم: وسيلتك إلى الله سبحانه وتعالى، هذا جائز)[120].

والحمد لله رب العالمين.

 

المصادر:

1.     اثبات الهداة بالنصوص والمعجزات / محمد بن الحسن الحر العاملي المتوفى 1104هـ / منشورات مؤسسة الاعلمي في بيروت / الطبعة الاولى 2004م.

2.     أوائل المقالات / الشيخ المفيد / تحقيق الشيخ إبراهيم الأنصاري / دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع – بيروت / طبعت بموافقة اللجنة الخاصة المشرفة على المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد / الطبعة الثانية، 1414هـ -1993م.

3.     روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه / الشيخ محمد تقي المجلسي ت1070هـ / تحقيق السيد حسين الموسوي الكرماني والشيخ علي بناه الاشتهاردي / الناشر فرهنك اسلامي حاج محمد حسين كوشانبور.

4.     الغيبة / الشيخ الطوسي / تحقيق الشيخ عباد الله الطهراني والشيخ علي احمد ناصح / مؤسسة المعارف الاسلامية في قم المقدسة / الطبعة الاولى 111هـ.

5.     الكنى والالقاب / الشيخ عباس القمي / تقديم محمد هادي الاميني / مكتبة الصدر في طهران.

6.     الخرائج والجرائح / قطب الدين الراوندي / مؤسسة الامام المهدي (عجَّل الله فرجه الشريف) / سنة 1409هـ.

7.     الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم / الشيخ علي بن يونس العاملي النباطي البياضي / صححه وحققه وعلق عليه محمد الباقر البهبودي / عنيت بنشره المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية / مطبعة الحيدري / الطبعة الأولى 1384هـ.

8.     تفسير مقتنيات الدرر / مير سيد علي الحائري الطهراني (المفسر) / الناشر محمد الآخوندي مدير دار الكتب الاسلامية بازار سلطاني – طهران / مطبعة الحيدري بطهران، 1337 هـ.ش.

9.     مقال (مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (166))، منشور في الموقع الالكتروني الرسمي لسيد كمال الحيدري.

10.    تصحيح اعتقادات الامامية / الشيخ المفيد / تحقيق حسين دركاهي / دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع في بيروت / الطيعة الثانية، 1414هـ، 1993م.

11.    التفسير المبين / محمد جواد مغنية / مؤسسة عز الدين للطباعة والنشر في بيروت / طبعة ثانية منقحة ومزيدة، 1403هـ، 1983م.

12.    صراط الحق في المعارف الاسلامية والاصول الاعتقادية / الشيخ محمد آصف محسني.

13.    الكافي / الشيخ محمد بن يعقوب الكليني / تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري / عنى بنشره الشيخ محمد الآخوندي مؤسس دار الكتب الاسلامية في طهران - بازار سلطاني / الطبعة الثانية 1389 ه‍ ق 1348 ه‍ ش.

14.    الرؤيا الفلسفية / آية الله ماجد الكاظمي / الطبعة الاولى، 1433هـ، مطبعة وفا في قم المقدسة.

15.    الأمالي / الشيخ الصدوق /  مركز الطباعة والنشر في مؤسسة البعثة في قم المقدسة / الطبعة الأولى، 1417هـ.

16.    الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل / الشيخ ناصر مكارم الشيرازي.

17.    الولاية التكوينية / الشيخ علي النمازي الشاهرودي / ترجمة وتحقيق محمد جعفر المدرسي / شركة الاعلمي للمطبوعات في بيروت / الطبعة الاولى 2011م.

18.    وسائل الشيعة (آل البيت) / الحر العاملي / مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث في قم المقدسة.

19.    جامع أحاديث الشيعة / الحاج الشيخ إسماعيل المعزّي الملايريّ / انتشارات واصف لاهيجي في قم المشرّفة، 1433هـ.

20.    الغيبة / الشيخ الطوسي / تحقيق الشيخ عباد الله الطهراني، والشيخ علي أحمد ناصح / مطبعة بهمن / الناشر مؤسسة المعارف الإسلامية في قم المقدسة، 1411هـ.

21.    مناقب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) / محمد بن سليمان الكوفي / تحقيق الشيخ محمد باقر المحمودي / الناشر مجمع إحياء الثقافة الاسلامية في قم المقدسة / مطبعة النهضة / الطبعة الأولى، 1412هـ.

22.    مجمع البيان / الشيخ الطبرسي / تقديم السيد محسن الامين / مؤسسة الاعلمي للمطبوعات في بيروت / الطبعة الاولى، 1415هـ، 1995م.

23.    البداية والنهاية / ابن كثير ت774هـ / تحقيق علي شيري / دار احياء التراث العربي في بيروت / الطبعة الاولى، 1988م..

24.    الدر المنثور في التفسير بالمأثور / جلال الدين السيوطي ت911هـ / دار المعرفة في بيروت.

25.    تفسير علي بن ابراهيم القمي / تصحيح وتعليق السيد طيب الموسوي الجزائري / مطبعة النجف الاشرف / منشورات مكتبة الهدي / 1387هـ.

26.    بحار الانوار / العلامة المجلسي / تحقيق عبد الرحيم الرباني الشيرازي / دار احياء التراث العربي في بيروت / الطبعة الثالثة المصححة، 1983م – ج17.

27.    معجم رجال الحديث / السيد الخوئي / الطبعة الخامسة، 1992م.

28.    صراط النجاة / فتاوى السيد ابو القاسم الموسوي الخوئي (رض)، مع تعليق الميرزا جواد التبريزي (رض) / المركز الثقافي أمين في قم المقدسة، الطبعة الاولى، 1997م.

29.    الامامة وقيادة المجتمع / السيد كاظم الحائري / مطبعة باقري، سنة 1995م.

30.    بحار الانوار / العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي (رض) / تحقيق محمد باقر البهبودي وعبد الرحيم الرباني الشيرازي / دار احياء التراث العربي / الطبعة الثانية 1983م  - ج26.

31.    الأمالي / الشيخ الصدوق / مركز الطباعة والنشر في مؤسسة البعثة / الطبعة الأولى 1418هـ.

32.    معاني الاخبار / الشيخ الصدوق / تحقيق وتصحيح علي أكبر الغفاري / الناشر انتشارات إسلامي وابسته بجامعة مدرسين حوزهء علميه قم، 1361 هجري شمسي.

33.    فضائل الاشهر الثلاثة / الشيخ الصدوق / تحقيق ميرزا غلام رضا عرفانيان / دار المحجة البيضاء للطباعة والنشر / الطبعة الثانية، 1412هـ، 1992م.

34.    بحار الانوار / العلامة المجلسي / تحقيق ابراهيم الميانجي ومحمد باقر البهبودي / مؤسسة الوفاء في بيروت / الطبعة الثانية المصححة، 1403هـ، 1983م.

35.    التبيان في تفسير القرآن / الشيخ الطوسي / تحقيق وتصحيح احمد حبيب قصير العاملي / الناشر مكتب الاعلام الاسلامي / الطبعة الاولى، 1409هـ.

36.    التوحيد / الشيخ الصدوق / تحقيق هاشم حسيني طهراني / جماعة المدرسين فى الحوزة العلمية – قم المشرّفة / الطبعة الاولى.

37.    عيون أخبار الرضا (عليه السلام) / الشيخ الصدوق / صححه وقدم له وعلق عليه العلامة الشيخ حسين الأعلمي / منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت.

38.    الاعتقادات في دين الامامية / الشيخ الصدوق / تحقيق عصام عبد السيد / الناشر دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع في بيروت / الطبعة الثانية، 1414هـ، 1993م.

39.    تفسير الميزان / السيد الطباطبائي / منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية في قم المقدسة.

40.    بحوث عقائدية 4-6 / السيد كمال الحيدري / دار فراقد، الطبعة الثالثة 2011م.

41.    منية السائل/ فتاوى السيد الخوئي/ جمعه ورتبه: موسى مفيد الدين عاصي / 1412هـ.

42.    الفتاوى الميسرة / فتاوى سماحة السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله الوارف).

43.    تفسير نور الثقلين / الشيخ الحويزي / / تصحيح وتعليق السيد هاشم الرسولي المحلاتي / مؤسسة إسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع – قم المقدسة / الطبعة الرابعة، 1412هـ.ق - 1370 هـ. ش.

44.    تفسير شبر / السيد عبد الله شبر / راجعه الدكتور حامد حفني داود / الطبعة الثالثة، |السيد مرتضى الرضوي، 1385هـ - 1966 م.

 

تم بحمد الله عزَّ وجلَّ



الهوامش:

[1] روى الشيخ محمد بن يعقوب الكليني (طاب ثراه) في الكافي بسنده: {عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا الْأَنْصَارِيِّ،عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،قَالَ:سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْتَكْمِلَ الْإِيمَانَ كُلَّهُ فَلْيَقُلِ:اَلْقَوْلُ مِنِّي فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ قَوْلُ آلِ مُحَمَّدٍ فِيمَا أَسَرُّوا وَ مَا أَعْلَنُوا،وَ فِيمَا بَلَغَنِي عَنْهُمْ وَ فِيمَا لَمْ يَبْلُغْنِي»}.

[2] ويمكن ان يضاف نوع آخر من الخوارق مبني على بعض المواهب الشخصية النادرة والمجهولة السبب من قبيل أن بعض الاشخاص – بغض النظر عن دينهم - يمتلكون قدرات باراسايكولوجية محدودة وغير مكتملة من قبيل تحريك بعض الاشياء بأوزان معينة ومسافات محدودة عن بعد، وكذلك التخاطر، ولا يزال العلم الحديث يجهل كيفية تأثيرها بصورة دقيقة. وهذا الامر لا يعنينا في بحثنا هذا لأن الانبياء انفسهم (صلوات الله عليهم) لم يدّعوا لأنفسهم قدرات خارقة.

[3] روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه / الشيخ محمد تقي المجلسي ت1070هـ – ج12 ص214.

[4] سورة النمل، الآية (12).

[5] سورة الإسراء، الآية (88).

[6] سورة الاسراء، الآيات (89-93).

[7] سورة العنكبوت، الآية (50).

[8] سورة الانعام، الآية (109).

[9] سورة ابراهيم (عليه السلام)، الآية (11).

[10] سورة الكهف، الآية (110).

[11] سورة فصلت، الآية (6).

[12] سورة ابراهيم (عليه السلام)، الآية (11).

[13] سورة المؤمنون، الآيات (24-26).

[14] لو كان للنبي (صلى الله عليه وآله) القدرة على الاتيان بالمعجزة فتكون له القدرة على نصر نفسه بطريق أولى، فلماذا يطلب النصر من الله تبارك وتعالى؟!

[15] سورة المؤمنون، الآيات (32-39).

[16] سورة الانعام، الآية (35).

[17] سورة هود (عليه السلام)، الآيتان (94 و95).الآية (12).

[18] سورة يونس (عليه السلام)

[19] سورة نوح (عليه السلام)، الآيتان (26 و27).

[20] سورة العنكبوت، الآية (30).

[21] سورة الشعراء، الآية (169).

[22] سورة الأنبياء (عليهم السلام)، الآية (83).

[23] سورة ص، الآية (35).

[24] سورة الأنبياء (عليهم السلام)، الآية (81).

[25] سورة مريم، الآيات (4-6).

[26] سورة المائدة، الآية (114).

[27]  بحار الانوار / العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي - ج26 ص7

[28] الأمالي / الشيخ الصدوق - ص740.

[29]  معاني الاخبار / الشيخ الصدوق – ص23.

[30]  المصدر السابق – ص375.

[31] فضائل الاشهر الثلاثة / الشيخ الصدوق – ص35.

[32] بحار الانوار / العلامة المجلسي – ج90 ص(230-232).

[33] سورة الانفال، الآية (17).

[34] الأمالي / الشيخ الصدوق - ص(537-539).

[35]  اثبات الهداة بالنصوص والمعجزات / محمد بن الحسن الحر العاملي المتوفى 1104هـ - ج5 ص379.

[36] الكافي / الشيخ محمد بن يعقوب الكليني - ج٨ ص٣٣٧.

[37] الولاية التكوينية / الشيخ علي النمازي الشاهرودي – ص 102.

[38] بحار الأنوار / العلامة المجلسي - ج 43 - ص 327.

[39] عيون أخبار الرضا (عليه السلام) / الشيخ الصدوق – ج1 ص179.

[40] جامع أحاديث الشيعة / الحاج الشيخ إسماعيل المعزّي الملايريّ - ج17 ص234.

[41] الغيبة / الشيخ الطوسي - ص293 و294.

[42] عيون أخبار الرضا (عليه السلام) / الشيخ الصدوق - ج1 ص219.

[43] المصدر السابق.

[44] الاعتقادات في دين الامامية / الشيخ الصدوق – ص99.

[45] سورة الانفال، الآية (17).

[46] سورة الشعراء، الآية (63).

[47] سورة البقرة، الآية (60).

[48] الكافي / الشيخ محمد بن يعقوب الكليني - ج٨ ص٣٣٧.

[49] التوحيد / الشيخ الصدوق – ص63.

[50] أوائل المقالات - الشيخ المفيد - ص 304

[51] التبيان - الشيخ الطوسي - ج 6 – ص369.

[52] التبيان - الشيخ الطوسي - ج 7 - ص 354

[53] تفسير مجمع البيان - الشيخ الطبرسي - ج 2 - ص 299

[54] تفسير مجمع البيان - الشيخ الطبرسي - ج 7 - ص 180

[55] تفسير نور الثقلين - الشيخ الحويزي - ج 3 - ص 538

[56] تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج 15 - ص 22

[57] تفسير شبر - السيد عبد الله شبر - شرح ص 331

[58] الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج 10 - ص 430 و431.

[59] الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج 14 - ص 391

[60]  التبيان في تفسير القرآن / الشيخ الطوسي – ج1 ص380.

[61]  المصدر السابق – ج2 ص468.

[62]  يقصد قوله تعالى: ((وما ارسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله)).

[63]  التبيان في تفسير القرآن / الشيخ الطوسي – ج3 ص243.

[64]  التبيان في تفسير القرآن / الشيخ الطوسي – ج6 ص281.

[65]  التوحيد / الشيخ الصدوق – ص324.

[66]  التوحيد / الشيخ الصدوق – ص338.

[67]  التوحيد / الشيخ الصدوق – ص343.

[68]  في هامش ص348 قال عن قوله (يعني: بعلمه) قال محقق الكتاب السيد هاشم الحسيني الطهراني: (الظاهر ان هذا تفسير من بعض الرواة أو من الصدوق – رحمه الله – كما استظهره المجلسي – رحمه الله).

[69]  التوحيد / الشيخ الصدوق – ص348.

[70]  الكافي / الشيخ محمد بن يعقوب الكليني - ج6 ص300.

[71]  المصدر السابق – ج8 ص337.

[72]  عيون أخبار الرضا (عليه السلام) / الشيخ الصدوق – ج2 ص242.

[73] سورة الاسراء، الآية (1).

[74] سورة القمر، الآيتان (1 و2).

[75] مناقب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) - محمد بن سليمان الكوفي - ج 1 - ص 42 – 45.

[76]  مجمع البيان / الشيخ الطبرسي – ج9 ص310. أيضاً: تفسير مقتنيات الدرر / مير سيد علي الحائري الطهراني (المفسر) - ج10 ص 286.

[77]  البداية والنهاية - ابن كثير - ج 3 - ص 148.

[78]  الدر المنثور في التفسير بالمأثور - جلال الدين السيوطي - ج 6 - ص 133 – 134.

[79]  تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج 19 - ص 60.

[80] تفسير علي بن ابراهيم القمي / تصحيح وتعليق السيد طيب الموسوي الجزائري / مطبعة النجف الاشرف / منشورات مكتبة الهدي / 1387هـ - ج2 ص341.

[81] بحار الانوار / العلامة المجلسي / تحقيق عبد الرحيم الرباني الشيرازي / دار احياء التراث العربي في بيروت / الطبعة الثالثة المصححة، 1983م – ج17 ص352.

[82] معجم رجال الحديث / السيد الخوئي / الطبعة الخامسة، 1992م – ج11 ص232.

[83] صراط النجاة (تعليق الميرزا التبريزي) / السيد الخوئي - ج3 ص(417 – 420).

[84] سورة المائدة، الآية (114).

[85]  صراط النجاة (تعليق الميرزا التبريزي) - السيد الخوئي - ج 5 - ص 293.

[86] تصحيح اعتقادات الامامية / الشيخ المفيد – ص133.

[87] قال الشيخ القمي في الكنى والالقاب: (قطب الدين الراوندي ابو الحسن سعيد بن هبة الله بن الحسن، العالم المتبحر الفقيه المحدث المفسّر المحقق الثقة الجليل صاحب الخرائج والجرائح، وقصص الانبياء ولب اللباب وشرح النهج وغيره، كان من أعاظم محدثي الشيعة، قال شيخنا في المستدرك: فضائل القطب ومناقبه وترويجه للمذهب بانواع المؤلفات المتعلقة به أظهر وأشهر من أن يذكر). أنظر: الكنى والالقاب / الشيخ عباس القمي – ج3 ص72.

[88] الخرائج والجرائح / قطب الدين الراوندي - ج3 ص1032.

[89] المصدر السابق - ج3 ص1033.

[90] الصراط المستقيم / الشيخ علي بن يونس العاملي النباطي البياضي - ج1 ص57.

[91] بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 89 - ص 155.

[92] تفسير مقتنيات الدرر مير سيد علي الحائري الطهراني (المفسر) - ج 2 - ص 63.

[93] مقال (مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (166))، منشور في الموقع الالكتروني الرسمي لسيد كمال الحيدري.

[94] التفسير المبين / محمد جواد مغنية - ص 628.

[95] صراط الحق في المعارف الاسلامية والاصول الاعتقادية / الشيخ محمد آصف محسني – ج3 ص44.

[96] الرؤيا الفلسفية / آية الله ماجد الكاظمي – ص133 و134.

[97] ولكن القول بذلك يدخل في باب القول بغير علم حيث يذكر سماحته ان هذا الرأي لا دليل عليه في كتاب ولا في سنة، والقول بغير علم حرام. قال تعالى في سورة الاسراء: ((وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً (36))).

[98]  الامامة وقيادة المجتمع / السيد كاظم الحائري – ص(126 – 132).

[99] تفسير الميزان / السيد الطباطبائي - ج19 ص64.

[100]  من الخطأ مقارنة المعجزات بالخوارق، فالمعجزات هي من فعل الله سبحانه وتكون نتيجتها اشياء مستحيلة التحقق وفق القوانين المادية وليست ممتنعة عقلاً ولا يمكن للانسان الاتيان بها على الاطلاق. أما الخوارق فهي امور خارقة للقوانين المادية المعروفة ياتي بها المشعوذ بعد تعلمه طريقة ورياضات معينة. وكل انسان يمكنه ان يكون مشعوذاً وياتي بالخوارق اذا تعلم منهجها اي الطرق والرياضات الخاصة بها. فلا وجه للمقارنة بين المعجزات والخوارق.

[101] تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج 1 - ص 73 – 78.

[102]  هنا نجد ان هناك خلطاً بين مفهومي المعجزة والخوارق، فالانبياء لا ياتون بالخوارق وانما يأتون بمعجزات الله سبحانه التي تجري على ايديهم. واما الخوارق فهي من فعل السحرة واهل الرياضات.

[103]  الآية الكريمة المذكورة لا تبين ان الاتيان بالمعجزات من الانبياء وصدورها عنهم لمبدا موجود في نفوسهم الشريفة، وهي قوله تعالى: ((وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله فإذا جاء أمر الله قضي بالحق وخسر هنالك المبطلون))، فأين ورد ذلك فيها؟!!

[104]  يفترض السيد الطباطبائي ان معنى (الاذن) في الآيتين الكريميتين هو معنى واحد! بينما يذهب غيره من المفسرين الى غير ذلك.

قال الشيخ الطوسي في التبيان عن قوله تعالى: ((وما ارسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله)) قال: (والاذن على وجوه: يكون بمعنى اللطف، كقوله: ((وما كان لنفس ان تؤمن إلا بإذن الله)). ومنها: الامر، مثل هذه الاية. ومنها التخلية نحو ((وما هم بضارين به من احد إلا بإذن الله))).

[105]  قد علمت انه لم يثبت ان المعجزة تستند الى مباديء نفسية. فعلى سبيل المثال نجد ان معجزة القرآن الكريم لا يمكن ان تستند الى مبدء نفسي لأن القرآن الكريم هو كلام الله سبحانه، والله عزَّ وجل يخلق كلامه. فلا مدخلية لنفس النبي (صلى الله عليه وآله) بكلام يخلقه الله تعالى، ام يريدون ان يقولون ان الله تعالى اشرك نبيه في خلق كلامه، والعياذ بالله.

[106] المصدر السابق.

[107] سورة النساء، الآية (82).

[108] سورة المؤمن، الآية (78).

[109] سورة البقرة الآية (102).

[110] سورة المؤمن، الآية (78).

[111] سورة البقرة الآية (102).

[112] تفسير الميزان / السيد الطباطبائي – ج1 ص80.

[113] المصدر السابق.

[114] المصدر السابق – ج1 ص82.

[115] سورة الاسراء، الآية (93).

[116] سورة الانعام الآية (102)، وسورة الرعد الآية (16)، وسورة الزمر الآية (62)، وسورة غافر الآية (62).

[117] بحوث عقائدية 4-6 / السيد كمال الحيدري – ص24.

[118] إذن مدرسة الحكمة المتعالية (أفكار ملا صدرا وأتباعه) ليست مدرسة معرفية فقط بل هي مدرسة تطمح للتحكم بمقدرات الانسان من الناحية الفكرية والواقعية. فماذا يمكن ان يحدث لو تمكن إنسان من الحصول على مفاتيح التحكم بمقدرات الناس وكان غير معصوم بحيث يمكن ان يقترف اخطاءاً متنوعة الحجم والتاثير! هل نتوقع الخير للانسانية في تلك الحالة أم نتوقع تدهور مصيرها نحو الشر؟ وقبل ذلك هل من الممكن فعلاً ان يحصل إنسان غير معصوم على مفاتيح التحكم بمصير البشر والانسانية والواقع؟ أم أنَّه يمكن للانسان الحصول على بعض المعرفة التحكمية بمقدرات الانسانية من قبيل السحر وتسخير الجان، وكلنا يعرف موقف الشرع المقدس من تحريم السحر وتحريم ما كان مضراً من تسخير بالمؤمنين.

[119] منية السائل/ فتاوى السيد الخوئي - ص222.

[120] الفتاوى الميسرة / فتاوى سماحة السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله الوارف) - ص421.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لوازم الغلو في التفسير بالرأي لقوله تعالى: ((فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ))